الخميس , 2 مايو 2024
رأس المال - صورة تعبيرية

الانسان ورأس المال …التوازن غير العادل

= 1341


بقلم: زكي بملال
مفكر مغربي

بين صناعها ونسيجها المستهدف رابط اثيري احكم لوبي رأس المال قبضته على صبيبه باحكام ليتسلل لعقول المستهلك بانسياب دون مقاومة.

بعد الازمة الاقتصادية العالمية التي عرفها العالم بما يعرف بالخميس الأسود في بداية القرن العشرين حيث انهارت أسهم وول ستريت لتعلن عن نهاية التوازن بين العرض والطلب ما كبد اغلب الشركات الكبرى خسائر جعلتها تعيد ترتيب أوراقها فيظهر علم التسويق الذي عجل بتعافيها مستعينة بتحالف قذر مع العلمانية كفكر يلغي القيود الدينية والعرفية قصد تحقيق استهلاك شامل والوصول الى معادلة الفرد المنتج والمستهلك في نفس الوقت.

مع نهاية الحرب العالمية الثانية ودخول العالم مرحلة القطبية الثنائية بين واشنطن وموسكو. انقسم النظام الاقتصادي إلى تيارين،رأس المال الحر الذي تبناه المعسكر الغربي ورأس المال الاشتراكي اطروحة المعسكر الشرقي الذي خرج عن سكته مع انهيار الاتحاد السوفيتي رغم ان النظام الصيني تجاوز الخلل بتطوير المنظومة الاقتصادية لديها بتبني طرح الشراكة مع الرأسماليين الجدد لديه مما عجل بتقاطع مصالح التيارين ليدخل العالم مرحلة رأس المال الجشع الذي ساهمت التكنولوجيا  الجديدة في رفع وتيرة إبادته للقيم والاخلاق للوصول لأكبر ربح ممكن تحت شعار كل الوسائل مباحة لتحقيق الارقام  المسطرة.

الا ان ظهور الانترنت كان بمثابة الحصان الجامح الذي ركب عليه رأس المال حيث جعله يستغني على الوسائل التقليدية التي كان يعتمد عليها للوصول إلى المستهلك.

اذا كان رأس المال  مجبرا على تخصيص هامش مهم من رقم معاملاته قبل ظهور الانترنت للوبي الإعلام الذي كان السبيل الوحيد للوصول لعقل المستهلك قبل جيبه سواء كان ورقيا او مرئيا وكذا اللجوء إلى الكيانات الجديدة المختصة في الاشهار التي ظهرت كالفطر في انتشارها بكل المجتمعات بغض النظر عن هويتها الدينية والثقافية،مشوهة بذلك جمالية كل التجمعات السكانية باللوحات الاشهارية، بمباركة كل السلطات الوصية مادامت تضخ جانبا من ريعها  في حساباتها، وامست موردا اساسيا لكل الميزانيات البلدية، والمقاطعات الاقليمية.

فإن الشق الديني والاخلاقي لايزال إلى حد ما غير قابل للتجاوز  في اغلب الدول الإسلامية والعربية ،وعلى النقيض من ذلك  فلوبي هذا الكيان قد حطم كل الطابوهات في غيره من الفضاءات العالمية، مستغلا مبدأ قدسية الحريات العامة لتسويق كل شيء بمختلف السبل بل وتجاوز الأمر حدوده الاخلاقية والدينية ليصل حد استغلال الانسان وان كانت الأنثى المتضرر الأكبر من هذا الجشع، حيث أظهرت كل الدراسات التي أنجزت في هذا المجال عالميا اعتماد كل شركات الاشهار على المرأة كعنصر اساسي في كل خرجاتهم التسويقية بل والادهى من ذلك ظهور مختصين في هذا المجال ،العمود الفقري لتكوينهم يرتكز على الإلمام بردة فعل الجمهور وتقبله وزاوية المشاهدة  الخ.

ظهور الانترنت شكل علامة فارقة في الوقت المعاصر حيث اتسع مجال اشتغال هذه الكيانات الوسيطة مع استدراج البشر للعالم الافتراضي وإحكام قبضته على عقولهم  باحكام،ساعدهم في الموضوع وبشكل كبير اعتماد الانسان على الهاتف المحمول الذي أمسى احد مظاهر الحياة الضرورية وقد وجد نفسه متلقيا صاغرا في سكناته وتحركاته مما هيأ الارضية الخصبة  ومع بداية الألفية الجديدة  لظهور شركات التسويق  المختلفة كعنصر اساسي لايستغني عنه لوبي رأس المال للثقة التي منحها المستهلك لها،  نذكر على سبيل المثال لا الحصر (امازون) الذي تضخم كيانه وأصبح يخيف الاستثمار المنتج بأن امسى بعبعبا لاغنى عنه والانصياع لكل شروطه مدام يستحوذ على السوق العالمية حتى لا يتجه لفتح خطوط انتاجه فيلتهم الجميع بعد ان احتل  عقول المستهلك  وتحكم حتى في قدرته الشرائية …

المستقبل القريب وحده الكفيل بالإجابة عن مسار هذا التحالف الهجين بين رأس المال والكيانات الوسيطة في ظل استكانة السوق التامة وانبطاحه امام جبروت الغزو التسويقي المحكم الذي جعل منه مدمنا  متعطشا لبث جديد…

ليبقى التساؤل الأبرز هل يظل الفرد رهين إدمانه والاستكانة لهذا الاحتلال الافتراضي أم يثور يوما ما ويبعثر  اوراق رأس المال وفلكه؟

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 11659 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.