الجمعة , 29 مارس 2024

“طريق السعادة” ..قصة قصيرة

= 2323

—-

بقلم: ياسر عامر

التأمل طريق السعاده، كل الأديان السماوية وغير السماويه تدعو الي التأمل، واساتذة اليوجا في الهند والصين توصلوا لسر الكون والسعاده والمتعه بالتأمل، وسأل كيف قضيتوا سنواتكم الماضيه بدون تأمل؟ بل نفى اننا نعيش الحياه أصلا.. بلا تأمل انتم أموات ، لا بد لكم ان تتاملوا اكثر من ساعه يوميا، تأملوا حتى لا تتألموا، تأملوا في كل ما حولكم، من يستطع منكم ان يتأمل طوال اليوم فقد فاز بالسعاده والمتعه.

تلك كانت مقدمه المحاضره التي اضطررت ان استمع اليها من محاضر مبتسم وهو يتحدث كانه يرتدي ماسك الابتسام” قناع” اما بالنسبه لي فكان لا يتعدي القناع في فيلم “سكريم” ذو القناع الابيض الفاتح فاه الذي يقتل بسكين” مشرشر” ليكون القتل مؤكدا، وكيف لا وقد دفعت مائتين جنيها وقتها “ثمن اربعة كيلو لحمه بلدي” تستطيع ان تشعرني بمنتهي السعاده والمتعه.

وتعود بي الذاكرة …كنت اسير بلا هوي او هدف في احدي شوارع القاهرة الكبري بعد نهاية يوم تدريب شاق، وقدم لي شخص اعلان يوزع في الشارع على الماره ورقه ملونه بلون احمر وووردي وأزرق مما يثير الفضول، والاعلان يقول: “للباحثين عن السعاده والمتعه، ورقم تليفون ارضي ومحمول، وبجوار الرقمين نهله وميريهان” ، وقد تعجبت كيف يترك هؤلاء على قارعة الطريق ليروجون لهذه الاعمال المحرمه؟، فسق وضلال، وتسائلت اين شرطة الاداب؟ ام ان الحكومة تغض البصر من اجل امتاع الشعب المسكين؟ ممكن والله كتر خيرها، هكذا كنت اقنع نفسي، ام أن هذا مجرد فخ للايقاع بالمغفلين؟ ليسوا امثالي طبعا، ثم فكرت ان ألقي بالاعلان ولكن الوانه توحي بالسعاده والمتعه ثم ايضا نهله وميريهان اسماء توحي بالكثر .

حينما ذهبت الي الفندق الذي ابيت به بعد صراع طويل مع الزحام والمواصلات، قبل ان اغمض عيني وجدت امامي الاعلان والارقام سهله تتلأ لأ كالنجوم في السماء الصافيه، واخذ الشيطان يستدرجني ويحاول اقناعي وانا على حالي مصر صامد معتمدا على مبدأ “السعاده في راحة البال”، “وامشي عدل يحتار عدوك فيك”، ولكن عندما بدأ ابليس في البكاء وأوشك ان يمسك يدي ويقبلها، قلت في نفسي اجاريه واجري اتصالا…. كان الصوت من خلف الهاتف فتاه في العشرينات من عمرها وشعرت اني اقتحمت عليها خلوتها الشرعيه او غير الشرعيه، ولكنها اجتهدت في ترتيب ملابسها اقصد افكارها واندهشت من سؤالي الساذج… حضرتك نهله ولا ميرهان؟ سكتت لحظه كانها دهر وقالت بصوت رقيق: انا ياسمين يا لها من اسماء جميله وكأني في حديقه جميله وسط زهور نادره، شعرت بالسعاده من مجرد مكالمه شيئ يشجع على المضي قدما في التجربه، وعلمت من ياسمين ان الشروط لزوم الحصول على السعاده والمتعه 3 ساعات من السادسه الي التاسعه مساء والحجز 200 جنيه بالاضافه لـ20 جنيها لزوم اسانسير وتواليت وخلافه طبعا مفهوم مفهوم.

في اليوم التالي بعد السداد في الصباح ذهبت قبل السادسه مساء بدقائق لاجد زحاما كيوم الحشر رجال ونساء وشيوخ وشباب جميع المستويات فالباحثين عن السعاده كثر واشفقت على نهله وميريهان وياسمين،وعملت راسي كارادار باحثا عن ايا منهن فلم اجد الا رجال اشداء في زي رجال الامن وطبع على جاكت اليونيفورم “سيكيورتي” طبعا لازم تأمين وتنظيم، ثم سمعت طرقعات كعب على ارضية المكان وظهرت انثي من بعيد كانها سحاب قاتم ينبأ بالمطر والغيث، ولكني سريعا تمنيت الا تكون واحدة منهن، فوجهها كوجه البومه وبدأت اشعر انها ابليس جاء متنكرا ليسخر مني، وبدأت اضطرب وأشعر بالخوف والقلق.

اشارت الينا البومه بالدخول فاذا بها قاعة كبيرة ضخمه جدرانها وارضيتها حمراء، تتناسب مع الليلة الحمراء، وكانت “المتعه والسعاده” عنوان محاضرة من محاضر في التنميه البشريه.
في اخر القاعه صندوق كبير به احجارباحجام مختلفه، وزراير واقلام، وبعض اشياء قديمه، ليس لها معني، نصحنا ان ياخذ كل منا شيئ يتأمل فيه حتى نصل الي منازلنا، وكان من نصيبي زلطه صغيرة قبيحه المنظر، ولكني اخذت اتأمل فيها واتخيل كم الاعجازبها محاولا ان اشعر بالسعاده والمتعه، متناسيا مبلغ الـ220 جنيها وتحملت تعليقات وسخافات كل من امر به او اركب بجواره وسيلة مواصلات حاملا الزلطه القبيحه، متسغرقا في التأمل في محاولة للبحث عن السعاده والمتعه كما قال المحاضر، حتى ضقت ذرعا فقزفت بها بكل قوة لتستقر على بربريز سيارة بجوارنا لتتوقف فجاة وتصطدم بها السيارات من خلفها ويسود الهرج والمرج، ويشتد السباب ويظن السائق انه المقصود وتتشابك الايدي،ونزلت انا وحملت الزلطه صائحا: حسبي الله ونعم الوكيل ربنا يجازي ولاد الحرام واستغرقت في تاملي شاعرا بالسعادة والمتعة.

شاهد أيضاً

أوبرا غارنييه … جولة في دار الأوبرا الفرنسية بباريس

عدد المشاهدات = 1378 بقلم الكاتبة/ هبة محمد الأفندي دار الأوبرا الفرنسية بباريس المعروفة بأوبرا …

تعليق واحد

  1. ربنا يجازى ولاد الحرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.