حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
يبحث الناس عن خيط يتعلقون به ليمنحهم الأمل في تغير الأحوال، خاصة حين يشعرون أن الزمن يعود كما كان، وبعض الأشخاص يعودون وبعض المواقف أيضا، ولكن يبقي كل هذا ضد طبيعة الأشياء فلا يمكن أن تعود الامور كما كانت، حتي لو ظهرت علي السطح بعض الأشياء القديمة، فهي مثل «الفقاعات» التي تعلو ثم تختفي، وما أكثر تلك الفقاعات في حياتنا الآن!
كثيرا ما أسمع في أحاديث الناس عبارة « كما كنت»، وهي إحدي الأوامر العسكرية لضبط الصف في التدريبات، وهم يرددونها تعبيرا عن رؤيتهم ومشاهداتهم وما يتعرضون له من مواقف تشعرهم بأن لا شيء تغير بعد ثورة وعدت بالتغيير، فما زال الظلم موجودا وكذلك الشر والإهمال والتراخي والعشوائية و«الشللية» – أي تفضيل أهل الثقة قبل أهل الكفاءة – ومازال هناك من يرفض قبول ضرورة تغيير نمط التفكير اعتقادا بأن ماذهب يمكن أن يعود، وأن عقارب الساعة يمكن إعادتها للوراء مره أخري، وما بين مؤيدي نظام مبارك ومؤيدي نظام مرسي كثيرون يهللون لكل الأنظمة، ويصرون علي تمجيد الأشخاص وتبرير المواقف دون التفكير في مستقبل وطن أهم من كل الأسماء، ويعلو علي كل المصالح الشخصية الضيقة، والأفكار السطحية الهزيلة.
وبينما تطفو علي السطح أسماء ومواقف وكتابات تتسم بالرداءة والإسفاف، وتتخذ لغة غريبة معيبة في حواراتها وكتاباتها طمعا في نيل شهرة وتحقيق انتشار،يتراجع المحترمون والصادقون بإرادتهم أو مرغمين، ويفضل البعض الانسحاب من المشهد احتراما لأنفسهم، وظنا منهم أنه لا فائدة وأنه يجب الانتظار حتي إشعار آخر !
مازلت أؤمن أن المقاومة يجب أن تستمر ضد كل الظواهر السلبية في حياة البلد والناس، وأن الاستسلام للقبح والرداءة والإهمال وتردي الأداء وكل ما يصيب النفس باليأس والإحباط هو نوع من المشاركة في استمرار هذه الظواهر، والمقاومة الايجابية هي التي ترصد الأخطاء سعيا لتصحيحها، وتقدم البدائل التي يمكن تنفيذها لإرساء تغيير هنا أو هناك يسهم في الوصول لأفضل مما هو موجود الآن، لأنها لا تؤمن بمقولة «ليس في الإمكان أبدع مما كان»، التي يركن إليها دائما الكسالى والخائفون.
لا تقلقوا من مقاومة القبح، ولا تخافوا من العودة «كما كنت»، ولا تفلتوا أبدا خيط الأمل الذي تتعلقون به، فقد يفلح يوما في التغيير للأفضل.
———————-
hebaomar55@gmail.com
