الجمعة , 19 أبريل 2024

د.سناء الجمل تكتب: لا تدفعى الحساب مقدما..!

= 6985

 

اعتادت صديقتى أن تحضر سيدة لتساعدها فى تنظيف المنزل مرة كل أسبوع وكانت تتفق معها على تقاضى مبلغ محدد بعد الانتهاء من العمل وأثناء التنظيف كانت تشرف على كل صغيرة وكبيرة وإذا لم تقم السيدة بالعمل بشكل جيد تطلب منها إعادته عدة مرات حتى تصل إلى أفضل نظافة بالشكل الذى يرضيها وإذا انكسر أى شىء من ديكورات المنزل تلزمها بتحمل جزء من قيمته خصما من أجرها.

بمرور الوقت اعتادت السيدة على الحرص الشديد والإتقان فى عملها حتى لو لم تشرف صديقتى عليها وكنا نتهم صديقتنا بالقسوة والتعنت خاصة ان لنا صديقة أخرى كانت تدفع للسيدة التى تساعدها أجرها كاملا قبل بدء العمل وكانت تمنحها أحيانا أكثر من المتفق عليه رفقا بحالها ولم تكن تضغط عليها لتعمل أكثر أو أفضل وكانت النتيجة دائما أن تقوم هى بنفسها بإكمال العمل المنزلى الذى كان يتم غالبا بمنتهى الاستهتار والتسرع فضلا عن عدم التزامها بالمواعيد وعدم حرصها على سلامة الأعراض ..لأنها كانت تتلقى الحساب مقدما وكانت تضمن رضا صديقتى عنها على أى حال فلم تحرص على شىء.

صديقة أخرى فى بداية حياتها الزوجية اتفقت مع زوجها أن تشارك بجزء محدد من راتبها فى مصاريف البيت رغبة منها فى مساندته والوقوف بجواره وكان زوجها يشعر نحوها بالامتنان الشديد برغم أنها كانت تشارك بمبلغ صغير جدا لا تزيد عنه قرشا واحدا مهما كانت الظروف وكانت تتركه يتحمل مسؤلية الحياة وتدعمه بالمساندة النفسية والتفكير وبعد سنوات قليلة ارتفع مستوى زوجها المالى فكان يغدق عليها بالهدايا الذهبية والماسية ويتحدث عن مساندتها له فى بداية حياته.

فى المقابل صديقة ثانية كانت تعطى زوجها راتبها كاملا وكل ما تحصل عليه من مكافآت إضافية ولا تترك لنفسها أى شىء وتتنتظر دائما ان يعطيها مصروف يومى بمرور الوقت اعتاد ان يأخذ منها كل شىء ويحملها مسؤلية أى نقص فى البيت أو اى ضائقة مالية بينما كان يدخر معظم دخله ولا يخبرها بأى شىء عن وضعه المالى بل يصدر لها دائما فكرة الضيق والاحتياج حتى يحصل على أى قرش تملكه وبعد فترة ارتفع مستواه المادى بشكل واضح لكنه ظل يبخل عليها وإذا طلبت منه شيئا كان يتهمها أنها لا تتحمل المسؤلية ولا تسانده أبدا وانها إنسانة مستهترة وغير مدركة لظروفه ويدعى الضيق والاحتياج وكان دائم الإنكار لدورها معه وفضلها عليه لأنه اعتاد أن يأخذ ولا يعطى لانها ببساطة عودته أن تدفع له مقدما وحتى فى الحب لا يجب أن تدفع الحساب مقدما …

لى صديقة جريئة ومتحررة وكل من يراها يأخذ عنها انطباعا غير جيد بينما كانت جرأتها وقوة شخصيتها تجعلها قادرة على صد أى شخص يخرج عن حدوده معها ارتبطت بشاب ثرى وناجح ووضعت حدودا لعلاقتهما منذ البداية أحبها بشدة وتمسك بها رغم كل الآراء المخالفة له تزوجها واعترف لها أنه كان يرغب فى قضاء بعض الوقت معها للتسلية والاستمتاع فقط ولكن قوة شخصيتها والحدود التى الزمته بالوقوف عندها جعلته يتمسك بها ويسعى للفوز بالزواج منها.

على الجانب الآخر صديقتى المهذبة المحتشمة الجميلة التى كانت تعد حلم كل من يراها ارتبطت بشاب من عائلة كريمة ومستوى مادى محترم ولكنها كانت تتهاون معه فى كل تصرفاتها بدءا من السماح له بانتقادها أمام الناس ورفع صوته دائما عليها فى مواقف كثيرة وحتى خيانته لها كانت تغفرها له كانت سهلة جدا يغضبها بسهولة ويصالحها بسهولة لم يكن يعيرها أى تقدير أو اهتمام بينما كانت هى تغرقه حبا واهتماما وتقديرا ومجاملة دون أن تنتظر المقابل المناسب لما تقدمه كانت تسعى لإرضائه حتى على حساب نفسها ولا تتجرأ على رفض أى شىء يزعجها أو يهينها منه بل كانت تغرقه بالمشاعر والحب لكسب محبته وفى النهاية مل منها وتركها وتزوج صديقتها القوية الجريئة التى كانت تصلح بينهما وتقف دائما فى وجهه عندما يغضبها أو يهينها..

فالرجل يحب ويحترم المرأة التى يسعى وراءها ويتعب من أجل الحصول عليها والتى تشعره أن كل شىء لديها له قيمة كبيرة عليه أن يقدرها جيدا , بينما هى كانت تستكين وترضخ وتهرب من المواجهة ,بل وتسعى لتتقرب منه على حساب كرامتها كانت تدفع حساب الحب مقدما ,هكذا الحال لأن من تدفع له الحساب مقدما سيضمن بقاءك الى جانبه ويطمئن أنك لن تغادره ومن يضمن بقاءك دون أن يسعى لأجلك لن يفكر فى ازعاج نفسه بالتفكير فيك وبالتدريج ستكون ركنا مهملا فى حياته فعندما تدفع حساب أى شىء مقدما حتما ستتلقى خدمة سيئة.

————————-

* استشاري الصحة النفسية وتطوير الذات.

شاهد أيضاً

عادل عبدالستار العيلة يكتب: القناع والظل

عدد المشاهدات = 558 هناك مسألة نفسية تحدث عنها عالم النفس الشهير (كارل يونج) وهى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.