الأربعاء , 25 يونيو 2025

يوميات موظف حيران| حكايتى مع الزمان (٢)

= 2268

بقلم: هبة سلطان

بعد الإنتهاء من الإحتفال بخروجى إلى المعاش، جلست على مقعدى الخاص بى أنظر إلى مكتبى وإلى زملائى، اغرورقت عينيّ بالدموع، أغمضتها على الفور حتى لا يلاحظ الزملاء بكائى، أنا لا أبكي على فراق الوظيفة أو الزملاء، لكن بكائي كان على سنوات العمر التى مرت سريعاً وكانت أسرع من صاروخ براهموس، تذكرت حكايتى التى تبدأ منذ أن كنت تلميذاً
فى الثانوية العامة، كان حلم أسرتى المتوسطة الحال كالعادة أن التحق بكلية الطب حتى أصبح طبيباً مشهوراً، لكن الفرق نصف درجة حالت دون دخول تلك الكلية العريقة، والتحقت بكلية الزراعة، أعلم كما تعلمون بأن الفرق ليس نصف درجة.

الأهم من ذلك أنى كنت لا أريد الطب ولا الزراعة، كان حلمى أن التحق بكلية الفنون الجميلة وأصبح فناناً تشكيلياً ، تعُرض لوحاتى فى كبرى المعارض الدولية والمحلية، يُشيد النقاد بتلك الأعمال، وتُباع بأغلى الأثمان وتُعلق على حوائط القصور والفيلات، أعشق الرسم والألوان منذ صغرى ، لكن صدمتى الكبرى حين ظهور نتيجة الثانوية العامة وحصولى على غير لائق فى اختبارات الفنون، فقدت شغفي بالحياة، أُصبتُ بالاكتئاب وأنا لم أبلغ العشرون عاماً، صرتُ كهلاً فى بداية سن الشباب.

اجتمع الأقارب جميعهم من حولى، ظننت فى بادىء الأمر أن الجميع يحبوننى ويشفقون علىّ، ولكن الأيام كشفت ما بداخل النوايا، بعض الأقارب أخذ بمواساتي قائلين:

يعنى اللى قابلك عملوا ايه بالشهادة كلها محصلة بعضها

البعض الآخر قال: ثانوية ايه وبتاع ايه، النجاح نجاح الحياة ، لأصرخ قائلاً: أنا ما سقطش عشان تقولوا كده.

الفريق الأخير قال: مش مهم المجموع ولا لائق ولا غير لائق أهتم بموهبتك أصل الثانوية العامة دى وهم كبير.

كثر الكلام ، زاد اكتئابي واسودت الدنيا فى وجهى، لكن فى النهاية ما باليد حيلة، استسلمتُ للأمر الواقع والتحقتُ بكلية الزراعة وتخرجت مهندسا زراعيا قد الدنيا.

( يتبع)

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: حين يُصبح البُعد قرباً

عدد المشاهدات = 7975 أحياناً نتساءل لماذا لم تستمر بعض العلاقات بنفس القوة والانسجام؟ ولماذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.