حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
بعض القرارات تكون نتائجها أصعب من القدرة علي اتخاذها خاصة عندما يدرك صاحبها ما يمكن أن يترتب عليها. وبالتأكيد لم يكن قرار الاقتراض من صندوق النقد سهلا، كما أن عواقبه حتما لن تكون هينة.
فبعد التوقيع عليه بدأ الجميع في الحديث بمنتهي القلق عن عواقب هذا القرض علي أدق تفاصيل حياتهم، وأولها الأسعار التي سترتفع، والدعم الذي لا يعلم أحد حتي الآن ما سيتخذ من إجراءات بشأنه.
ولا أتصور أن وقع القرار كان أقل وطأة علي متخذه الذي ضحي بقدر من شعبيته في سبيل ما يراه في صالح الاقتصاد المصري.. وإذا كنا نتحدث عن تآمر خارجي دولي علي مصر، أليس من نلجأ إليه لحل مشكلتنا الاقتصادية جهة دولية ليست بعيدة كثيرا عما يقال إنهم يتآمرون علينا؟
ورغم إن هناك دولا رفضت شروط صندوق النقد الدولي، ومنها دول شرق آسيا وعلي رأسها ماليزيا التي استطاعت ان تحقق نهضة اقتصادية اعتمادا علي ما لديها من مقومات، إلا ان ما حدث ان توقيع اتفاق قرض الصندوق قد تم،وأصبح أمرا واقعا، وما كان قد كان.
وإذا كان ليس من الاقتراض بد، فعلينا ان ندرك أن الاقتراض وحده دون إصلاح الخلل في المنظومة الاقتصادية الحالية لن يؤتي ثماره، وان العمل علي الملف الاقتصادي بنفس المعطيات السابقة (وزراء المجموعة الاقتصادية) لن يؤدي إلي نتائج مختلفة.
حالة القلق التي تكسو وجوه المصريين، خاصة مع وجود بعض الشائعات حول رفع اسعار الخدمات، تدعو إلي قدر أكبر من الشفافية، فالشعب لا يريد من يقول له فقط انه سيواجه أياما صعبة، وسنوات عجاف، ولكن يريد من يحدثه بشفافية عن نوع الصعوبات التي سيواجهها بوضوح، وعن العائد الذي سيجنيه لقاء هذا الثمن، حتي يقبل ان يكون شريكا للدولة، لأن عدم إشراكه من البداية سيدفعه للوقوف في الجانب المقابل المعارض.
إدارة المرحلة الحالية باحتراف امر مهم يحتاج إلي من يجيد فن إدارة المواقف، ولا يعتمد علي سياسة الأمر الواقع الذي علي الجميع قبوله، فلا المعارضون لقرض الصندوق خونة ومتآمرين، ولا المهللون له وطنيون وأكثر غيرة علي مصالح الدولة.
————
mona.alazab12@gmail.com
