الجمعة , 29 مارس 2024

شيرين فؤاد تكتب: هل شعرت يوما بلحظة نقاء؟

= 2356

هل شعرت يوما بلحظة نقاء؟!!
وكأن الزمن توقف.. الأماكن تموهت بالكون وتلاشت..
تستمع لصوت أنفاسك وكأنك-لأول مرة- تتعرف على ذاتك..
يتوقف الصراع بين نفس لاهثه على زينة حياة وروح تبحث عن سعادة أبديه؟!!
بين جبروت عقل منهك وقلب متلهف لحب صادق .؟؟
تخلع عنك قناعك فتكون أنت ..أنت
بدون أي رتوش أو زيف
تفتح أحضانك لذلك الطفل بداخلك.. به تترفق.. لهمساته وأناته تنصت..
فتتساقط دمعاته.. نقية.. صافيه.. كقطرات غيث تروي روحا عطشة..
هل شعرت يوما بلحظة نقاء ؟؟
كأنك … (قطرة ندي) ..
تسبح بوجود غير محدود..
وعلى سطح زهرة برية تهبط ..
للحظات تسكن..
لحظات هي كل الماضي..
كل المستقبل..

ولأول مرة بعمري كله رأيتني أمامي، ليس ذلك الجسد أو تلك الملامح التي طالما رأيتها بمرآتي ولكن روحي الحقيقية، اتذكر جيدا ذلك السكون التام حولي وكأن الزمن توقف.. بل كأن الكون جميعه توقف عن الدوران، لا اسمع غير أنفاسي… لا أرى غير ذاتٍ لم أتعرف عليها من قبل..

وصايا الحزن كانت صادقة بل كانت واضحة، ذاتي الحقيقية والروح الشفافة لم تأت من محاسبة النفس، ولا محاولات التخلص من ذات طالما كرهتها. لم أصل اليها عن طريق استئصال أجزاء من هويتي أو استنكارها أو دفنها بداخلي>

اكتشفت أن حقيقتي المجردة كإنسانة تحمل جميع تناقضات النفس البشرية بجميع ما بها من ضعف إنساني و نواقص بشرية هي النور، وانعكاس كل ما كرهته بنفسي وحياتي والاخرين هو ما خلق الظلام بداخلي. اكتشفت أن أفعالي التي طالما عاتبت نفسي عليها بل كرهت نفسي من أجلها تحمل بعض الضياء، وأن صدمات الماضي بداخلها قوة مخبأة. كم كانت لحظة رائعة حين توصلت أن مهمة الحزن الأساسية هي منحنا القوة والشجاعة اللازمة لاحتضان هويتنا، الترفق بذاتنا الإنسانية وتعلم تحويلها الى ذات استثنائية.

عرفت ما هو الحب، الحب الغير مشروط، حبي لنفسي بجميع جوانب ضعفي الإنساني، الحب لذات كثيرا ما كرهتها، فخجلت منها واستنكرتها. نبشت تحت الظلام بداخلي فـ وهبت الحياة لكل ما دفنته طوال عمري وحررت مخاوفي من نفسي ومن الآخرين حولي.

أصبحت حرة لأكون أنا بالمجمل الإنساني المجرد: سلبيات وايجابيات، ضعف وقوة، محطات فشل ومحطات نجاح. فـ تذوقت طعم حرية الإختيار، ف أمتع الحريات هي مقاومة ذلك الادعاء الذي تفرضه على نفسك.. فتكون أنت.. أنت. وإذا كنا نفتقد حرية اختيار من نحن فلن نمتلك ابداً حرية اختيار ما نريد.

————

* كاتبة ومتحدثة عامة، مؤلفة كتاب “النص الحلو‏”.

شاهد أيضاً

عندما يتوقف المطر … بقلم: مريم الشكيلية – سلطنة عُمان

عدد المشاهدات = 6585 عندما التقيتك أول مرة في ذاك اليوم الربيعي الهادئ على الجانب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.