الثلاثاء , 7 مايو 2024

النصف من شعبان .. ليلة المنح والنفحات الربانية

= 1175


بقلم الشيخ: هاني ضوَّه *

ليلة النصف من شعبان، من الليالي التي فيها منح ونفحات ربانية كثيرة، لما لها من فضل عظيم، ومكانة عظيمة، فضلًا عن كونها في شهر شعبان الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، كما جاء في الحديث الشريف.

كان الصحابة الكرام والسلف الصالح والتابعون رضوان الله عليهم يعظمون ليلة النصف من شعبان ويجتهدون فيها بالعبادة، والصوم في ذلك اليوم وعنهم أخذ الناس فضله وتعظيمه، لما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " إذا كانت ليلة النِّصْفِ من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن اللَّهَ ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفرٍ لي فأغفر له، ألا مسترزقٌ فأرزقهُ، ألا مبتلى فَأُعَافِيَهُ، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر".

وقد حثنا الحبيب سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن نتعرض لتلك النفحات لعل أن تصيبنا أحدها فلا نشقى بعدها أبدًا.

وورد كذلك عن سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيغفر لعباده إلا ما كان من مشرك أو مشاحن لأخيه".

ومن أقوال الصحابة الكرام عن النصف من شعبان نجد كثير من الاهتمام بها، فيقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما: "خمس ليال لا تردُّ فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتيِ العيدين".

ويقول ابن عباس رضي الله عنه عن النصف من شعبان: "إنَّ الرجلَ ليمشي في الأسواق، وإن اسمه لفي الموتى".

واستحب إلإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا به وبعلومه في الدارين، أن يكثر المسلم من الدعاء في ليلة النصف من شعبان والتقرب إلى الله بمختلف القربات والعبادات فيقول: "بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلةَ جمعٍ، وليلةُ جمع هي ليلة العيد لأن في صبحها النحر"، ثم قال الإمام الشافعي: "وأنا أستحبُّ كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا".

وفي الحديث المروي عن الإمام علي ابن أبي طالب ما يحثنا على أن نصوم يومها أي اليوم اللاحق لتلك اليلة أي يوم 15، وكذلك أن نحيي ونقوم ليله الخامس عشر التي تبدأ بغروب شمس الرابع عشر من شعبان، فإن الله سبحانه وتعالى ينزل فيها من غروب الشمس إلى السماء الدنيا فيغفر للمسلمين الطائعين.

ولقد أجمع المسلمون في كافة العصور وفي سائر الأزمان من عهد الصحابة رضوان الله عليهم، إلى وقتنا هذا على أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة طيبة كريمة فاضلة. لها منزلتها عند الله تبارك وتعالى وأنه سبحانه وتعالى قد اختصها بنوع من الكرامة والتفضيل.

وما أجمل ما قال الإمام ابن رجب الحنبلي عن النصف من شعبان: "فينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب، وأن يقدم على ذلك التوبة، فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب".

——————

* نائب مستشار مفتي الجمهورية

شاهد أيضاً

الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله عز وجل

عدد المشاهدات = 6663 ✍️ صفاء مكرم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.