السبت , 14 يونيو 2025

استغفار النبي ﷺ

= 1411

✍️ صفاء مكرم

الاستغفار قربة وعبادة وطاعة من أعظم القربات والطاعات لأنه دعاء وتضرع وتذلل واعتراف لله بالألوهية والربوبية والخلق والفضل ، واعتراف بأننا أهل للتقصير والنقص والخلل ، فهو عبادة ورسول الله أحرص الخلق على العبادة لا ليغفر الله له ذنبه ، وإنما لترفع درجته عند ربه جل وعلا. فالنبي يريد أن يعلم أمته عظمة الاستغفار فتحرص عليه ،عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال: ” كنا نعد لرسول الله فى المجلس الواحد أكثر من مائة مرة قوله عليه الصلاة والسلام ” رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم”، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول ” أيها الناس توبوا إلى الله فإني استغفر الله وأتوب إليه أكثر من مائة مرة”.

فإن كان سيد التائبين صلي الله عليه وسلم حريص على أن يستغفر الله فى المجلس الواحد مائة مرة، فحرى بنا أن نستغفر الله آلاف المرات فى المجلس الواحد ، وتأكد أيها المؤمن و أيتها المؤمنة أن الله إذا فتح لك باب الاستغفار أنه يريد أن يغفر لك ويعطيك ويدهشك .

ومن أفضل الصيغ ” سيد الاستغفار”: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك ( أمتك) وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ماصنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لايغفر الذنوب إلا أنت” وفيه اعتراف لله بالألوهية والربوبية والخلق والعبودية والاعتراف لله بنعمه العظيمة، والتقصير والذنوب وطلب المغفرة منه وحده فإنه لا يملكها غيره سبحانه، ومن فضائل هذا الدعاء : أن من قاله في النهار موقنا به ومات قبل أن يمسي دخل الجنة ومن قاله فى المساء فمات قبل أن يصبح دخل الجنة.

الكثير منا لا يفهم كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يستغفر وكيف نفهم قول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إنَّه لَيُغانُ على قَلبي،وإنِّي لَأستَغفِرُ اللهَ في كُلِّ يَومٍ مِئةَ مَرَّةٍ” قال العلماء، الغين هو الغيم الرقيق ، وهو غين أنوار لا غين أغيار (والأغيار هى الذنوب) ، وقال أهل التحقيق عن معنى هذا الكلام أن النبي عليه الصلاة والسلام دائما فى ترقي من درجة إلي درجة ومن مقام إلى مقام فهو صلى الله عليه وسلم عندما يرتقي إلى مقام أعلى من المقام الذى كان فيه فهو يستغفر الله عز وجل من المقام الذى كان فيه من الأمس أو الذى كان فيه قبل دقيقة أو الذى كان فيه قبل ساعة أو الذى كان فيه قبل رمشة عين لأن النبي صلي الله عليه وسلم فى كل لحظة وفى كل نفس وفى كل رمشة عين يرتقي فى مقامات عليا لا يصل إليها لا أحد من الأنبياء ولا المرسلين ولا الأولياء ولا الصالحين ولا أحد يعلم هذه المقامات إلا الله سبحانه وتعالى لذلك قالوا لا أحد يعلم مقام النبي عند الله إلا الله عز وجل حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم مقامه عند الله عز وجل.

فالله عز وجل يقول في كتابه العزيز ” إن الله وملائكته يصلون على النبي” وهذه صيغة مضارع والمضارع يدل على الاستمرار إلى الأبد؛ الله عز وجل يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بشكل دائم وكذلك الملائكة الكرام وصلاة الله عز وجل رفع لمقام النبي عليه الصلاة والسلام في كل لحظة. فالنبي عليه الصلاة والسلام فى الحياة الدنيا عندما كان يرتقي من مقامات إلى مقامات كان يستغفر الله من المقام السابق له عليه الصلاة والسلام.

مثال توضيحي: أنت إذا حافظت على قيام الليل كل ليلة ركعتين ثم زدت لأربع ركعات ثم إلى ست ركعات فتتذكر ماكنت تصلى قبل ذلك ركعتين فقط فتستغفر الله لأنك شعرت أنك كنت في مقام أدنى من المقام الذي أنت فيه الآن فأنت تستغفر الله عز وجل من بعض الحسنات التي تفعلها وهذا يحدث مع بعض الصالحين ؛ وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يرتقى فى مقامات إلهية روحية قلبية قدسية محمدية مصطفوية كان صلى الله عليه وسلم يستغفر من المقام السابق. اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وشفيعنا وقرة أعيننا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واجمعنا به فى الفردوس الأعلى من الجنة واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا.

شاهد أيضاً

ما حكم ترك الزوجة معلقة دون طلاق؟ أمين الفتوى يجيب

عدد المشاهدات = 9519 قال الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الزواج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.