الخميس , 25 أبريل 2024

رشا فؤاد تكتب: تعاويذ الإسفاف لا تصنع سيدة!

= 1578

تعرضنا لسيل منهمر من الإسفاف والإبتذال، وإنجرفنا معه، فكان من أبرز نتائجه إنتشار وإستخدام الألفاظ البذيئة، والتى تستخدم بشكل رهيب فى مجتمعنا المصرى اليوم ،كذلك إنتشار التعبيرات الغير لائقة، والتى كانت تقال منذ زمن غير بعيد على إستحياء من قبل البعض، لتصبح اليوم شيئا عاديا، وكأنها مقررا يوميا فى مجتمعنا!

قد تكون ظاهرة “الأنوميا” أو “اللامعيارية” التى أشار إليها عالم الاجتماع الفرنسى “إميل دوركايم”، لها دور فى ذلك حيث عرفها بأنها “حالة من القلق والإضطراب تصيب المجتمعات نتيجة لإنهيار القيم والمعايير وتحدث بصفة خاصة بعد الثورات الكبرى” ولا شك أن هذه الحالة تنعكس على اللغة فإذا كان الفكر فى أزمة أنعكس ذلك على اللغة.

الحقيقة أن الأمر إزداد سوءا بعد الثورات التى تعرضت لها البلاد، ولا أستطيع أن ألوم الثورات وحدها، فقبل ذلك كله نلقى اللوم على منتجى الأفلام الرخيصة، ومن سمح لهم بترويجها، فكانت لأفلام المقاولات أعظم الأثر فى الإنفلات الأخلاقى الذى نشهده اليوم، إذ قدموا لنا المشاهد الإباحية والألفاظ الخادشة للحياء والإيحاءات الجنسية بحجة تقديم نموذج واقعى لعشوائيات المجتمع المصرى إلى أن أصبح المجتمع كله يعج بالعشوائية والإبتذال بفضل تقديم هذه الأنواع من الأفلام، وخير دليل على ذلك “أفلام السبكية “.

إنتقل الإنحطاط بالطبع لينال من لغة الإعلام المصرى، فأصبح لدينا برامج “التوك شوز” إن صح التعبير فنجد أن التراشق بالألفاظ أصبح السمة الغالبة على هذا النوع من البرامج الحوارية ، حتى لغة الإعلاميين أصبحت “لغة درجة رابعة “!! فانتشرت التعبيرات السوقية لتصبح اللغة الرسمية للشخصية المصرية والتى بدونها قد نشك فى جنسية من لا يرددها !

كان من الطبيعى جدا، إنعكاس ذلك كله على مواقع التواصل الإجتماعى، ولكن هنا لاحظت كارثة أخرى ألا وهى إنتقال العدوى للفتيات والسيدات!

هنا الطامة الكبرى، وجدت فتيات تستخدم كلمات وألفاظ يندى لها الجبين خجلا، ووجدت بعض السيدات تعبر عن آرائها بالشتم والرشق بألفاظ بذيئة أو (التلقيح) بالكلام بطريقة فجة وأخريات يستخدمن الكلمات الساخنة للفت الإنتباه لهن !! وكأنها تصنع تعاويذ اسفافية تظن بها انها ستجمع حولها مريدين لسيدة تحلم بأن تكون شيئا!

قد يتوهم البعض منهن أنها بذلك تعبر عن قوة شخصيتها إلا أنها فى الحقيقة عبرت عن سوء أخلاقها دون وعى، كيف لك سيدتى أن تتنازلى وعن طيب خاطر عن أجمل ما ميزك الله به “حياؤك” الذى يعنى “أنوثتك”؟!

فلتعبرى عما تريدين وكيفما شئت وقتما أردت ذلك، ولكن برقي كلماتك وبثقافة ووعى، فقط بكتابات رشيقة تستطيعين أن تغيرى وتتمردى على أى واقع طالما لا يناسبك. فلا داعى أبدا أن تتحولى إلى كائن فظ لتظهرى بعضلات المصارعين تصارعى الدنيا من حولك بكلمات كالحجارة وألفاظ فجة.

عبرى عن فكرك برشيق الكلمات، فإذا كنا قبلنا رغما عنا إستخدام الذكور لتلك الألفاظ، فكان لايزال لدينا النصف الآخر من المجتمع، النصف الرقيق المسؤول عن التربية وغرس القيم بدورك كأم وزوجة، فما بالكم عندما يطال المرض النصف الآخر من المجتمع؟!

ظواهر غريبة طالت مجتمعنا بكل أسف بشكل يكاد يكون مقصود وممنهج.

فنحن فى أشد الحاجة وبأقصى سرعة لوقفة مع النفس، ووقفة رقابية من قبل المسؤلين، لمنع ما لا يتناسب مع قيم المجتمع المصرى من العرض، فما يحدث الآن جريمة فى حق هذا الجيل والأجيال اللاحقة.

ولا تنسوا: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت”.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 3375 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.