السبت , 20 أبريل 2024

متسابقو موريتانيا ومصر والسعودية إلى المرحلة الثانية من “أمير الشعراء”

= 1667

 


أبوظبي – كوثر فال

أمسية جديدة من أماسي الشعر عاشها عشاق الشعر ومتابعيه في الحلقة الرابعة من “أمير الشعراء” في مسرح شاطئ الراحة وعبر قناتي الإمارات وبينونة، مستكملاً بذلك رحلة البحث عن الأمير الذي سيتوج في نهاية الموسم السابع من المسابقة التي تنظمها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية.

وقبل أن تبدأ مجريات الحلقة؛ عرضت د. نادين الأسعد ومعها محمد الجنيبي الدرجات التي استحقها شعراء الحلقة الثالثة بعد انتهاء التصويت، فكان أن حصل شيخنا عمر من موريتانيا على 85%، أما وليد الخولي فكانت له 45%، فيما حصلت وردة الكتوت على 43% ، ومع أنها خرجت من المنافسات إلا أنها كانت سعيدة بما حققته ووصلت إليه.
فيما تأهل طارق صميلي من السعودية عن حلقة ليلة أمس إلى المرحلة الثانية بعد أن منحته لجنة التحكيم 47%، ليبقى المتنافسون الثلاثة إباء الخطيب من سوريا التي حصلت على 44%، ونوفل السعيد من المغرب وحصل على 43%، وأفياء أمين من العراق التي منحتها اللجنة 39%؛ على قلق حتى الأسبوع المقبل موعد إعلان نتائج التصويت.

غموض وبراعة صميلي

كان على الشعراء الأربعة مجاراة أبيات ابن زيدون وولادة بنت المستكفي، ومن ثم إلقاء قصائدهم التي خضعت لأراء أعضاء لجنة تحكيم البرنامج المكونة من د. علي بن تميم، ود. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض، وكان أول من قابل اللجنة طارق صميلي الذي ما يزال يبحث عن أسلوبه الخاص، فجارى بداية أبيات الشاعر الأندلسي ابن خلدون، ثم انتقل إلى قصيدته (حِضْنٌ لِتَعَبِ الأَشْرِعَة) التي استهلها بالأبيات التالية:
يَمُرُّ من لغةٍ عليا إلى لُغَتِي
كما يَمُرُّ نسيمٌ داخلَ الرِّئَةِ
وكُلَّمَا يمَّمَتْ روحي لخَاتِمَةٍ
ألقاهُ يقرأُ للآفاقِ فاتِحَتِي
ولو تَوَارَتْ وراء الغيمِ أجْوِبَةٌ
لَسَالَ نَهْرا عَلَى بَيْدَاءِ أَسْئِلَتِي
مِنْ أجْلِهِ نَبَتَتْ فِي الرُّوحِ نَرْجِسَةٌ
ومِنْ هَوَاهُ عَلَى آثَارِهِ مَشَتِ
لَهُ الحَيَاةُ تُعَرِّي ثَوْبَ فِتْنَتِهَا
مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ

د. صلاح فضل كان أول المتحدثين، فقال لطارق: أراك تعبّر عن لحظة حميمة جوانيّة، تتحدث فيها عن نفسك، لكنك سرعان ما تنتهكها بلحظة عندما قلت (ألقاهُ يقرأُ للآفاقِ فاتِحَتِي) وفي ذلك فضح للشعر، وأنت فتنت بتقابل الخاتمة مع الفاتحة، والخاتمة مدبوغة بطابع الشاعر نزار قباني عندما قال (لو أني أعرف خاتمتي)، وقد أعجبتني لفتتك (مِنْ أجْلِهِ نَبَتَتْ فِي الرُّوحِ نَرْجِسَةٌ) فهي بديعية فاتنة، ذلك أن الشعر ينبت النرجس في أعماق الروح. وحول البيت (مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ) سأل طارق (ما هذه الشقاوة؟) فهي صورة خليعة وبديعة في آن، تتوافق مع القافية توافقاً مدهشاً، بعكس القافية التالية (سُكِبَتْ من كلِّ قلبٍ دماءٌ غيرُ آسِنَةِ)، فكيف تكون الدماء غير آسنة. ثم حيّا طارق على شعره الجميل.

د. علي بن تميم أشار إلى طلة طارق البهية، وإلى البيت (مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ). أما افتتاحية النص فتذكره إيقاعياً بمفتتح محمود درويش (أمر باسمك إذ أخلو إلى نفسي كما يمر دمشقي بأندلس)، وفي البيت إيقاع استطاع طارق إخفاءه، يشي بروح الشعر، والقصيدة بعمومها فيها غموض شفيف جميل، والشعر لغة داخل اللغة، والبراعة في القصيدة تكمن في تتبع الشاعر تشكيلات الشعر وماهيتيه وجوهره بإبداع لا حدود له، منوهاً إلى جبل (الجودي) الذي يطلب اللجوء إلى الشعر، وختم بأن النص جميل لغةً وتسلسلاً في المعنى، في حين أن التجربة متماسكة.

د. عبدالملك مرتاض بدأ من العنوان بما فيه من غموض وإبهام وغرابة، وأشار أن على الشاعر لا يمكنه تركيب الكلام وينتهي إلى غيره، والشاعر يفلت من اللغة العليا إلى اللغة الدنيا، ومن المقدس إلى المدنس، وقد جاءت القصيدة كماء المسيل، مستوياتها غير متناشزة، وفيها صور كأنها غجرية، وصور فنية بديعة، لكنها غير ثابتة الوجود، فصورة واحدة في البيت الثالث قامت على افتراضية الوقوع، ولذلك جاءت طافحة الجمال، وهي أجمل الأبيات تصويراً، وفيها إصرار الشخصية الشعرية على الرنو لتفتيح أردية المدى.

إباء تبكي الأحبة وتسأل الصبر

ثانية الشعراء إباء الخطيب ألقت قصيدة (على مقام الغياب) التي وصفها د. صلاح فضل أنها بدأت بافتتاحية ناعمة، تستحضر طيوف الغياب:
بَتولٌ دَمي .. وَاليَاسمينُ مُبَــاحُ
وقفْتُ ببابِ الذّكرياتِ .. فَـلاحُوا
ورحتُ أبثُّ الضوءَ في شُرفَاتِهم
ليُولـــدَ من ضلْع الغيابِ صبــاحُ
وأرجعُ للأحلامِ أنســــجُ وحيَـــها
لعلّ بروحــــي يســــتفيقُ وشــاحُ
ضممْتُ طيوفَ الراحلين.. بكيتُهم
وفي الدّمـــع سرٌّ للعيون.. يُتـاحُ
فكيف تربّي الصّبر أمٌّ بخاطري
وقد أشعلوا فيَّ الحنين… وراحوا!

د. بن تميم أكد أن إباء تفهم الشعر أنه ذوبان، أما قصيدتها فقد انقسمت إلى قسمين، القسم الأول طَلَلية معاصرة، كما في القصيدة الجاهلية، جاء الاختلاف في الشكل لا في الجوهر، وكانت تحتشد بمفردات الطَلَل، مثل الوقوف والرجوع والصبر والحنين والجراح، والقسم الثاني مباشر وخطابي بما يحمل من مشاعر نبيلة، وفيه انتقلت إباء من التصوير إلى التقرير، وكأنها تنتقل من الرسم إلى التعليم أو من التصوير إلى التعليم، لكن أجمل ما رآه في القصيدة أنها تبشر بالحب وتدعو إلى التسامح.

د. مرتاض أشاد بحسن الإلقاء، وسلامة اللغة المعجمية، وأناقة اللغة الشعرية، فيما العنوان يحمل وشاية صوفية. مبرراً اختيار الشاعر حرف الحاء قافية، فالشعر يأتي دفقة واحدة، ومشيراً أن لحرف الحاء خصوصية لا نكاد نجدها في اللغات الأوروبية، ذلك أن العرب أكثر حساسية من غيرهم، فبدا كل بيت وكأن فيه ألم ووجع وتأوه، وهو يتلاءم مع ما يجري من أحداث، أما اللغة فكانت جارية وسلسلة متناسقة في البيت الثاني، وهو بيت حديث جداً، والتصوير فيه راقٍ، وفي القصيدة شعرية طافحة لوطن ممزق.

د. فضل أكد أن ما يحدث في سوريا تنقله الصورة عن المدن السورية حلب وحمص ودمشق، وهي جديرة من شعراء سوريا والشعراء العرب بأن يفتتحوا صفحة كالتي افتتحها الشعر الأندلسي افتتحها في رثاء المدن، والقصيدة بدأت بافتتاحية ناعمة، تستحضر طيوف الغياب، وتمر بنعومة شديدة على التاريخ دون القبض على تاريخ دمشق، لكنها لا تفقد اللهب الشعري الجميل الذي يضيء القصيدة بحضور وافٍ، ويتميز بالعذوبة والجمال.

نوفل رسول بين بيسوا والمتنبي

وفي “رسالة أخيرة من فرناندو بيسوا للمتنبي” قدمها الشاعر نوفل السعيدي قائلاً (أنا لست ذا شأن.. عنوان لديوان فرناندو بيسوا البرتغالي). وبعنوان (رحلةُ “الفادو” الأخيرة) ألقى قصيدته التي اختتمها بأبيات بهية قال فيها:
لا أحتمي بالظلّ, قلبي وارفُ
الذكرى وكلّ المُتعَبين
تخوّفوا
إنّ الشتاءَ طويلةٌ شهْقاتُهُ
وزفيرُ هذي الريح
لا يتوقّفُ
يا أيها المسكونُ بي إنّ الحضارةَ
في تمازُجنا جَمالٌ
يُرْشَفُ
إني نُفيتُ وعُزلتي فيكَ احتَمَتْ
فمتى أعود لكي تعيش
الأحْرُفُ؟

د. مرتاض: وجد القصيدة مثقفة جداً، وفيها فلسفة وتصوف وتناص مع فلسفات أجنبية، وهذا يحسب لنوفل، لكنه تساءل لماذا نذهب إلى “الفادو” وثقافتنا أصيلة. أما عن البيت الثالث فقال: فيه يقرن الشاعر بين ما لا يقرن، أي العروبة والتصوف والفادو، وجاءت الصورة من الناحية الشعرية جميلة، وقدتكرر هذا الحسن في البيت السادس، حيث سعى الشاعر وأصر على تقديم قصيدة حديثة جداً.

د. فضل قال لنوفل: تصنع افتراضياً جميلاً في قصيدة تعبر عن الحضارات وامتزاجها، وتجمع بين شاعر شعاره (أنا لست ذا شأن) وشاعر يقول إن (فؤادي بين الملوك، وإن كان لساني يُرى من الشعراء)، فجمعت بينهما بشكل شائق، إلى جانب إيرادك مفردات “الفادو” والكمان التي ضمنتها في نصك الذي حمل معنى جميلاً تجلى في الحمق اللذيذ الذي ورد فيه، لكن ما لم توفق فيه البيتان الأخيران، فهما لا يتماشيان مع منظور الشاعر البرتغالي، لأن المسكون بالتمازج الحضاري هو الشاعر الحديث، وكل ما عليك ضبط إيقاع الحوار كي تستقيم تلك القصيدة العذبة.

د. بن تميم أشار إلى الأسلوبين المتناقضين في النص، فالقناع الذي تمثل في بيسوا والمتنبي ينتاقض مع وضع حدود موضوعية بين الشاعر والنص، لكن نوفل استخدم الاعتراف والبوح، والنص شعري فيه محاورة بين الاثنين، وهي تضيف بعداً خاصاً، فالنص تنبه إلى الشخصيتين وإلى الغربة والاستلاب، لكن الانتقال إلى اعتراف الشاعر وبوحه انتقص من الخصوصية، فحضر أبو الطيب حضوراً غير موظف، ومع أن النص جميل إلا أنه يخلو من العمق، مؤكداً على نوفل بضرورة تمسكه الدائم بالمجاز والتأويل كما فعل في النص الذي قدمه ليلة أمس.

أفياء ترجم العمائم السود

أفياء أمين التي قدمت نص (حديثُ الأبجديّة السمراء) بما فيه من ألم واستنكار للطائفية وأمل بمستقبل أفضل؛ دفعت الناقد د. صلاح فضل للقول: لو كان الشعر يقاس بالنوايا الحسنة والمقاصد النبيلة لعدّ قصيدتها الأجمل على الإطلاق، محيياً حسها العربي العالي، وإعلانها الحرب على الطائفية وعلى العمائم التي تقتل الحمائم رغم ما في قصيدتها من مباشرة بسبب تأثرها بروحها الإعلامية، ورغم ما فيها من نظم تجلى في بعض المفردات، منبـّهاً إياها ومحذراً من الوقوع في الطائفية كذلك، لأنها ذكرت طرفاً ولم تذكر الآخر، فكان أولى بها أن تكون كالعراق متناغمة، ومما قالت في نصها:

عربيةٌ روحي وإنْ كان الخرابُ يعمّ أرضي
سوف أجدلُ من سواد الليل ما يكفي لأرميَ للسماء جديلةً
وألفَّها كقلادة لعروبتي وكذا القمرْ
ولسوفَ أصنع مِن أصابعيَ الرفيعةِ سلَّما ترقاه روحي
بغداد تغفو فوق صدري تدركُ المعنى بهمسي
والبصرةُ الفيحاء تنزف فوق كفّي حين يرقبُ ثلثُ أرضي فوق كفٍّ غادرةْ
فالموصلُ الحدباء تنسج حزنَها والكلّ يُذرَف دمعةً مِن عين شمسِ
الكلّ يحلمُ بالغرامِ.. كقريةٍ يختارها أحلى الحمامِ.. كغصنِ زيتونٍ تلوّن يوم أمسِ
وأنا العراق، أنا العروبةُ.. أو أنا قنديلُ سلمٍ عند باب خريطةٍ
ولطالما فضّلتُ موتي حين كفٌّ تعتدي وتريد لمسي

د. بن تميم اعتبر قصيدة أفياء أنها تنتمي إلى “رثاء المدن”، رثاء البشرية والعروبة، فالقصيدة تساءلت كيف يمكن أن نرثي وطننا، وهو خيار متعب ومضنٍ ومهلك، ورأى د. بن تميم في القصيدة لحظتين، الحاضر المحزن والليل والعمائم والتعفن طائفي، والمستقبل المتجسد بكلمة سوف، فالقصيدة تشير إلى صراعات العراق كما جسدها السياب، وتعيد الصراع والمتناقضات بين الحمائم من جهة والعمائم من جهة ثانية والتي هي مصدر الموت والخراب، غير أن النص منبري وحماسي، وكان يتمنى أن يرجع إلى الشعرية التي تليق به.

د.مرتاض لفت إلى بعض الشعرية والتكلف في العنوان، حيث استخدمت أفياء ألفاطاً تتناشز مع القصيدة لم تعجبه، فكانت تعلو وتسف، وطلب منها أن تكون اللغة الشعرية أعلى في نصها الذي يحمل ملمحاً من ملامح شعر سعاد الصباح، ويصور مأساة العراق، فتقمصت الشاعرة هوية الوطن المتأبي على من يريد به سوءاً، وكانت صادقة التصوير، فأتحفتنا بنص بقدر ما أحزنتنا.

تقارير ومشاركات

قدمت الحلقة تقريراً عن مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل، وتقريراً آخر عن واحة مدينة العين، أما الفنانة غادة شبير فقدمت إحدى روائعها بصوتها الرائق والعذب والقوي.

كما شهدت الأمسية مجاراة رائعة موضوعها الأب، بين شاعرين أقل ما يمكن أن يقال عنهما أنهما أبدعا كلٌ فيما يعشق، فقدمت الشاعرة زينب البلوشي نصاً نبطياً ينضح ألماً أهدته إلى روح والدها الذي غادر دنيانا، في حين ألقى الشاعر محمد العزام نص “أبي” المترع حناناً وحنيناً، وجاء شفيفاً كروحٍ عاشقة ونبيلة.

في الحلقة الأخيرة من المرحلة الأولى

عندما انتصف الليل لم تبق سوى أمنيات للشعراء الثلاثة حظاً جيداً مع تصويت الجمهور عبر الرسائل النصية، والذي ستعلن نتائجه الأسبوع المقبل من “أمير الشعراء”، الذي سيقدم آخر أربعة شعراء من المرحلة الأولى، وهم: هندة بنت الحسين من تونس، إياد الحكمي من السعودية، مرام النسر من سوريا، وعمر عناز من العراق

شاهد أيضاً

تهنئة الزميلة نيرة الإمام للأمة الإسلامية بمناسبة عيد الفطر المبارك

عدد المشاهدات = 3384 تتقدم الزميلة الصحفية نيرة الإمام بخالص التهانى للشعب المصري والأمة الإسلامية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.