الجمعة , 26 أبريل 2024
د. إيمان دويدار

د.إيمان دويدار تكتب: من طفلة لأبيها ..أسألك الرحيلا!

= 1163


تماسكت عندما جاءتنى لكى أحل لها مشكلتها..هى طفلة تدعى "نور " لاتتجاوز ال 13 عاما  أى أنها فى بدايات مرحلة المراهقة …والتى تحتاج الفهم الجيد لاحتياجاتها وتلبيتها قدر المستطاع  ، على الأقل تغطية احتياجها من الحوار المتواصل والفهم لكل ما يدور بداخلها والبعد عن العنف جسدى كان أو نفسى ، ولاننى لمحت فى عيونها خوفا لا أعلم له سبب  إضافة إلى أنها كانت تنظر حولها هنا وهناك وكان هناك من يراقبها،  وكان سؤالى لها انتى جاية مع مين ..فاجأبتنى جاية لوحدى …
 
يعنى ماما مش معاكى اجابتنى مسرعة لا ومش عايزاها تعرف ، وانهارت باكية وكأنه موسم الأمطار فى عيونها وقد توافق  فى موعده مع فصل الشتاء …وحال تهدئتها قالت لى انا عايزة احكيلك لكن ما حدش فى البيت يعرف انى باجى ومتطلبيش منى أجيب ماما  … وافقتها بشكل مؤقت لكى أصل لحقيقة حالتها النفسية  وأترك استدعاء ولى أمرها حينما أرى ضرورة لذلك ولكن بالطبع بعد أن أنجح فى الحصول على موافقة الطفلة … 

وعدتها اننى لن أخبر أحدا مؤقتا ولكن إذا رأيت ذلك معها أصبح الأمر ضرورة واتعهد بحمايتها من كل مخاوفها  …فاطمأنت وبدأت تحكى لى: مشكلتها أن والدها داوم على فضح أسرارها هى وأخواتها على الملأ، فأصبحت حياتهم مشاعا يعلم بها الجميع وأنها لا خصوصية لها  …وصمتت لتستكمل البكاء تركتها قليلا ثم قلت لها مستفسرة  ماما بتتصرف ازاى حيال كل ذلك  ، فقالت: ماما لا حول لها ولا قوة وهى دوما تتكلم وهو لا يسمع  ، واستكملت قائلة لا خصوصيتى التى حرمنى منها والدى..

وبدت زائغة العينين.. تخشى أن يراها أحد من جيرانها أو أحد يعرفها  .. وقد حدث ما توقعت ورأتها إحدى جاراتها  وسلمت عليها من هنا وحدث انه قد تغير لون وجهها للون الأصفر الشاحب …ولما لا فهو مركز معرض للمقابلة به كل الناس المحتاجين إلى المساعدة النفسية  من قبل متخصصين …وعدت لتطمينها ولكنها قالت لى: من الآخر يا دكتورة  انا واخواتي نفسنا نمشى ونسيب البيت لبابا لأنه مش عارف يحافظ علينا. .. ممكن تخليه يمشى ؟ 

سؤال محمل بإحساس  صعب وصفة أو تحمله  فوقفت عاجزة عن الإجابة …وسألت نفسى هل لو علم والد الطفلة بمشاعرها هذه هل سيتغير ، أم سيترك المنزل رأفة بأطفاله …وما كان منى إلا متابعة الحالة أسبوعيا ونجحت فى اقناعها بإحضار والدتها لمحاولة إنقاذ هذه المراهقة الصغيرة …وأخيرا أقول للآباء احذروا لسان حال أطفالكم  حينما ينطقون :"والدى  ..أسألك الرحيلا "!

———–
* استشارى الصحة النفسية للأسرة

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3225 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.