الأربعاء , 1 مايو 2024

مرفت العريمي تكتب: الصندوق..والعنكبوت!

= 2491

قلة استطاعوا فك شفرة التواصل بين الرجل والمرأة ، أو بالأحرى كيف يفكّر كلّ من الرجل، والمرأة ، فما زلنا نسمع في كل مناسبة، أو موقف عن الفروقات بين الرجل، والمرأة وراء نشوب الكثير من المشكلات، والخلافات، ليس فقط على صعيد العلاقات الأسرية، بل حتى أن البعض يعزو الاخفاقات المهنية، والعلمية إلى الفروقات بين الجنسين دون وجود سند علمي يعزّز هذا القول .

إنّ مسلسل الصراعات المفتعلة بين المرأة، والرجل التي أصبحت مادة دسمة للإعلام، والدراما، والروايات التي تعود إلى تحليلات، عادة ما تصف المرأة بالانفعال في تصرفاتها، والرجل بالبرود في ردود أفعاله اتجاه تلك التصرفات، فالمرأة تتوقع أن يفهم الرجل طلباتها التي تأتي من وراء الكلمات.. الهمسات .. النظرات .. السلوكيات ،الا أنّ الطامة الكبرى، والكارثة تحدث عندما يفسّر الرجل تلك الكلمات الايحائية بطريقة مختلفة، ويدخلان في دوّامة كلامية من التراشق اللفظي، والاتهامات المتبادلة التي تبدأ بــ” انت لا تحبني، ولم تعد تكترث لي، وتنتهي أنا في بيت أهلي !!”

موقف واحد فقط كفيل أن يحوّل العلاقة السعيدة إلى كارثة أسرية، قليلون استطاعوا أن يفهموا (كود) العلاقة التي تجمع بين المرأة، والرجل، فعاشا في استقرار إذ أنهم أدركوا فعليا أن المرأة، والرجل مختلفان، ومتكاملان في الوقت نفسه ، ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما . إلا أن المشكلة ما زالت قائمة، لأن كلا الجنسين يملكان منهجين مختلفين في التفكير، وهذا هو جوهر المشكلة، فمهما حاولنا التقريب بينهما، فلا يمكن أن نجزم بأن المرأة تستطيع أن تفهم الرجل، والأمر كذلك بالنسبه له، لسبب بسيط أن كلاهما يتوقع أن الآخر يفكر مثله، ويحاول أن يتناقش مع الآخر بإسلوب منطقي اعتاده مع بني جنسه، وقد أثبتت الأبحاث العلمية في العقود الماضية أن كلا هما يختلفان حتى في تكوين الدماغ، فالاختلاف في أصل التكوين، ولا يمكن علاجه، وان الرجل والمراة يملكان دماغين ذي قابليات مختلفة تتكامل، وتتقاطع مع بعضهما البعض، ويجب أن يفهم كل منهما خصائص الآخر، ويدركان تمام الادراك أنهما متكاملين ، ويمكن للمتخصصين استثمار هذا الاختلاف، وتوظيفه في تطوير خصائص الاختلاف في تربية، وتعليم الأولاد، والبنات.

من المجحف حقا أن نطلب من الرجل أن يفكر كما تفكر المرأة، أو أن يتفاعل مع الأمور ، كما تتفاعل هي لأنه لن يستطيع، وأن حاول ، فنمط تفكيره ، مختلفا تماما عنها، والعكس كذلك صحيح بالنسبه لها، فلا يمكن أن نتوقع أن تتصرف المرأة، كما يتصرف الرجل ، فسلوكياته، وردود فعله نتاج عن نمط تفكير مختلف .

يشبّه العلماء عقل الرجل بمجموعة من الصناديق محكمة الاغلاق لكل صندوق موضوع واحد فقط، فهناك صندوق للبيت، وصندوق للعمل، وصندوق للأولاد هلم جرا، فان دخل احدى الصناديق لا يستطيع رؤية ما يحدث في الصناديق الأخرى، أو حتى يتفاعل مع كل ما يحدث بالخارج حتى يخرج منها لذلك، فإن رات المرأة الرجل منشغلا بصندوق العمل، فلا تحاول مقاطعته، أو التحدث اليه، لأنه لن يتستوعب ما ستقوله، فهو داخل الصندوق .

أما تفكير المرأة، فهو عنكبوتي أي مجموعة من الخيوط المترابطة تشكل نسيج واحد، ويمكنها أن تعمل، وتفكر في أكثر من شيء في وقت واحد، لذلك، فهي ماهرة جدا في التخطيط، والتفكير المستقبلي، والوظائف التي تتطلب مهارات متعددة.

المرأة العنكبوت، والرجل الصندوق ثنائية الرجل، والمرأة هذه العلاقة السهلة الممتنعة بين الجنسين مازالت تفرد لها مساحات واسعة في الدراسات طرحت العديد من الحلول لالغاء فجوة الاختلاف بينهما، وتقريب فلسفات تفكيرهما حتى أن الكثير من الخبراء يرون، إنه من المهم جدا اشراك المرأة في عملية اتخاذ كافة القررات التي تتعلق بتنمية المجتمع، وتطويره ، لأن اتجاهاتها في التفكير تسلط الضوء على زوايا، ومساحات قد يغفل عنها الرجل، والعكس صحيح إلا أن الدراما، والقصص الكرتونية، ونصائح المقربين جسدت، ورسخت نقاط الاختلاف أكثر من التكامل.. الفروقات موجودة، وهي حقيقة يجب أن نتعايش معها لا أن نرفضها، فالاختلاف بين الرجل، والمرأة من أجل استمرار الحياة، ولا جدوى من تحويل الاختلاف إلى خلاف، لأنها الطريق إلى التعاسة، واخلال التوازن في الحياة.. وتستمر الحكاية .
———————
* كاتبة وباحثة عمانية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 9376 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.