حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
مع تمتع مصر بمعالم سياحية وآثار مميزة ليس لها مثيل علي بساط الكرة الأرضية ،إذ تعد من أهم دول العالم جذباً للسياحة مع ذلك لا نجد لها مكاناً بارزاً علي الخريطة السياحية العالمية ويعود السبب الرئيسي إلي ذلك في تراجع دور التسويق السياحي خارجيا من خلال تراجع دور "الميديا"المصرية بكل أنواعها في التسويق عالمياً للسياحة المصرية.
وحتى لا نلقي بالمسئولية الكاملة علي التسويق الإعلامي المصري للسياحة يجب أن نشيرالى عوامل أخري ترتبط بتراجع السياحة المصرية مثل الوضع السياسي والاقتصادي, وإن كنت أؤكد أن دور الإعلام فعال أيضا في هذا التراجع بسبب التناول الإعلامي الداخلي للإحداث السياسية والذي يضعها في إطار غير واقعي بشكل مبالغ فيه (جهلاً بالأثر أو بحثاً عن موضوع ساخن للحوار)مما يؤدي الى إعطاء صورة مخالفة للحقيقية عن الأوضاع الأمنية في مصر,مما يساعد الإعلام الخارجي المعادي لمصر الذي يهول ويزيف ويضلل المشاهد,وسنتناول هذا الموضوع في مناسبة أخري بالتفصيل.
هناك كما نعلم دول في أسيا وأفريقيا وأوربا لا تمتلك مقومات سياحية مثل "مصر"من مناخ وتاريخ وطبيعة خلابة ومع ذلك تسبقنا بكثير بفضل الترويج الإعلامي والإعلاني الجيد لسياحتهاوكخطوة على طريق هذا الترويج نواصل اليوم الحديث عنمصر كدولة من أهم الدول التي يجب أن تتربع على عرش السياحة العالمية,وسأعرض في البداية بعض ما تتميز به "مصر "سياحيا ثم أتحدث عن رأييفي كيفية تنشيط السياحة حتى نستطيع أن نعود إلي الخريطة العالمية في المقالات القادمة.
من أهم عوامل الجذب السياحي في مصر أولاً : الآثار التاريخية التي تعود إلي آلاف السنيين, فقد مرت مصر بعدد كبير من الحضارات من أهمها وأقدمها الحضارة الفرعونية التي لا تزال آثارها بيننا تتحدث عن نفسها في صورة بهية تحكي مراحلها المختلفة وتقدمها العلمي من خلال أبو الهول والأهرامات الثلاثة الخالدة "خوفو وخفرع ومنكاورع " ومعابد الأقصر وهرمي ميدوم و سقارة وغيرها مما لا يحصي ولا يعد ولا يزال محل كشف وبحث من الخبراء حتى الآن .
ثم الحضارة الإسلامية التي لا تزال أثارها تحاكي الزمان وتوضح عظمة المسلمين الأوائل في كل المجالات وكيف حافظوا علي الآثار الفرعونية في زمانهم وأضافوا إليها أثارهم الإسلامية العريقة.
ثانيا :موقع مصر الجغرافي المميز ،فهي تقع شمال شرق قارة إفريقيا يحدها شمالا الساحل الشرقي الجنوبي للبحر المتوسط ومن الشرق الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر وتقع في قارتين, فاغلب الأراضي المصرية في قارة إفريقيا باستثناء شبة جزيرة سيناء التي تقع في قارة آسيا وتمتاز بمناخ معتدل في أغلب فترات العام .
وتشترك في الحدود مع عدد من الدول العربية الإفريقية والأسيوية من الجنوب السودان والغرب ليبيا والشمال الشرقي قطاع غزة فلسطين ويفصلها عن السعودية والأردن البحر الأحمر .
فهذا الموقع الاستراتيجي الحيوي المهم يجعل مصر في مقدمة الدول الجاذبة للسياحة لما تتمتع به مصر من أهمية الزمان "التاريخ الأثري العظيم" والمكان المعتدل مناخا وطبيعة فمصر هي "سياحة المكان والزمان " ويعيش معظم الشعب المصري علي ضفاف نهر النيل الخالد ومنطقة الدلتا والسواحل الشمالية علي الرغم من أن هناك أماكن كثيرة في مصر تتوافر فيها سبل الحياة .
ثالثا :تعد صفات الشعب المصري من أبرز عوامل الجذب السياحي ،فالمصريون بطبيعتهم لديهم مميزات كثيرة عن الشعوب الأخرى فهم شعب طيب بشوش معطاء يكرم ضيفة ويتمتع بالروح الخفيفة التي تمزج بين الفكاهة والاحترام والتقدير.
رابعا :مشاهد الجذب السياحي الطبيعة الموجودة في شرم الشيخ والغردقة ومطروح وغيرها من محميات وشعب مرجانية ومشاهد مبهرة ليس لها مثيل في العالم .
هذا بعض من كل, فمصر زاخرة بالعديد من الأماكن الأثرية والطبيعة والمناخية التي من الممكن أن تضعها في مقدمة دول العالم الجاذبة للسياحة والتي تساعد الاقتصاد المصري في المرحلة الحالية علي النمو والازدهار .
واختتم حديثي عن سياحة "الزمان والمكان" في مصر مقتبسة كلام عمرو بن العاص إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن وصف "مصر"، إذ قال "اعلم يا أمير المؤمنين أن مصر قرية غبراء، وشجرة خضراء؛ طولها شهر، وعرضها عشر؛ يكنفها جبل أغبر، ورمل أعفر؛ يخط وسطها نيل مبارك الغزوات، ميمون الروحات؛ تجري فيه الزيادة والنقصان كجري الشمس والقمر"وقال "مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء، إذا هي عنبرة سوداء، فإذا هي زمردة خضراء، فإذا هي ديباجة رقشاء، فتبارك الله الخالق لما يشاء".
إنها مصر العظيمة الخالدة علي مر التاريخ .
وللحديث بقية..
———————
* كاتبة المقال استاذ في الجامعة الامريكية.
