جلست في برد الشتاء تشعل النار في الفرن البلدي قبل أن يشق الليل جوف النهار، أخرجت كيسا يحمل كيلوجرامات من الدقيق الفاخر، امتزجت دموعها بمياه العجين، فاعتدل مذاقه..
أشعلت النيران ومسحت "الصاج الساخن"، وبدأت بالرغيف الأول حتى انتهت لم تكن تسرع لتطعم الصغار، لكنها خرجت تغوص أقدامها في "وحل" الشارع، تخترق الأزقة حتى تخرج لتبيع ما خبزته طازجا للعمال والموظفين، عادت لتجد ما بقى من عشتها نارا ورماد، فلهفة البيع أنستها نار الفرن مشتعلة فالتهمت البيت والأولاد..
تعود السيدة، في كل يوم، متكئة على وطن يصرخ من الخواء، وتعرف أنه آن أوان الفراق، سوف تستسلم لتفاصيل يومها المنهك، مثل كل الأيام رغم افتقادها للكثير ممن أحبتهم، تفصيلة ترميها لتفصيلة، تستهلك الأيام،، لتنام وتصحو من جديد وقلبها مقبوض..!