الخميس , 18 أبريل 2024

د.نهلة جمال تكتب: تسلل..”قصة قصيرة”!

= 1863

أغلقت ستائرها المجدولة بخيوط بنفسجية باهتة لتستلقي علي فراشها المقابل في زاوية الغرفة للشباك حيث يتسلل الضوء ولا يسكن المكان.

أغمضت جفنيها ورفعت إشارة البدء ليومها الجديد حيث تخطط، وتؤلف سيناريو كل الأحداث وتبدل الأدوار وفقا لما تحب .

هو يومها تحياه بلا أوجاع، بلا أوامر، بلا ضوابط سوي أخلاقها هي، ولا تسمح لأبطاله إلا بما يسُرها، ستجعل من كلماته لها همسات وثناء، ومن غرفتها كوخ صغير على شاطئ النهر، ترتدي فيه ألوان البهجة وتتحرر خصلاتها السمراء من قيد النظام ، ستلمس أناملها بهدوء أواني الطهي غير مترددة أو متوترة خشية لوم اصطياد الأخطاء، تجري بين جنبات المكان بدلال، ويراقبها بنظرات حانية وهو يقرأ جريدته.

تدندن بصوت طفولي أغنيتها الحالمة..تقع ..تقف ..تخرج بحثا عنه..ليسمعها أبيات العشق والاشتياق.

ما يدهشها كل مرة أن صمته يسرد لها قصص وعبر كل الناس، وكأنه يحمل ملامحها بصفحته المضيئة فتتأرجح بين تجاعيد المشكلات وصفاء الأمل.

وتعد منضدة خشبية صغيرة مزينة بقنينة عطر فارغ تحمل شذى الياسمين، وتنثر بتلات الزهر على جانبيها .

تضع الطعام وتنتظر احتضانه للفرح بعيونها حين يجلس أمامها ويرتشف ذلك العصير المفضل له..تنتظر كلماته..تتلهف للمس شفاه لكفها مشجعا لها..تنتظر بلا ملل، وتبحث عن زائرها..

هي لم تخبر الليل بسرها ، لكن عيون النهار فضحت الأمر ، حين تسللت إليها عبر ستائر الغرفة لتنهي هذا العتاب القاسي عن غياب هذا الزائر الذي يفك اشتباك الأوجاع بأماني البقاء ، ويلقي ظله على فراشها، فتسكنه زهور الأحلام ، يؤنس سهرها بهمسه لأغنيات فيروز الرقيقة، ويزرع الذكريات في شباك غرفتها لتطل بين الحين والآخر على واقع بلا حبيب.

لكنها دوما تفيق حين تتمرد خصلاتها الغجرية علي زيارة جدائل أشعة النهار لستائر غرفتها، فيتجدد العتاب حتي موعد تسلل الليل من جديد!

شاهد أيضاً

“ساعة المساء “…خاطرة بقلم ندى أشرف

عدد المشاهدات = 9444 هل لكل مكان سبب ولكل سبب قصة معينة له؟ واقع مادى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.