الخميس , 25 أبريل 2024

منى العزب تكتب: وثالثهما الإختلاف!

= 719


غابت عنا كثيرا ثقافة العمل الجماعي. فما أن يشترك اثنان في عمل إلا ويكون الاختلاف ثالثهما. وكل منهما يسعي لاظهار انه علي حق وأن الآخر يفسد له عمله، وأن أي انجاز تحقق نتيجة عملهما معا كان بفضل كفاءته وفطنته ولولاه لغرقت السفينة بمن عليها، في الوقت الذي ربما كان يتفنن في إعاقة عمل زميله وتكسير مجاديفه ولسان حاله يقول (المركب اللي فيها ريسين بتغرق)..

ويبدأ عادة غرس مفهوم العمل الجماعي في مراحل مبكرة في التعليم، في حين ظلت أساليب التعليم لدينا وعلي مدي السنوات الماضية تعتمد علي التلقين، وليس التفاعل والابتكار ثم صياغة ما تم تعلمه في منتج يشترك في إعداده عدد من الطلبة معا.

الميزة هنا ليست فقط في الإثراء الفكري مما يتم تعلمه، ولكن في التدريب علي العمل الجماعي.

وللمشكلة أيضا جذور تتعلق بثقافة المجتمع وهو قبول الآخر والقدرة علي التعايش والتعامل معه وانجاز المهام المشتركة بطاقة اثنين وليست بطاقة شخص واحد حطم الآخر نصفها. فنحن مجتمع يبحث في الاشخاص ويسعي لتصنيفهم فهذا مسيحي وهذا فلاح، و هو فلول والآخر اخوان وهي امرأة او هي غير محجبة أو مطلقة وهكذا ثم تكون النتيجة قبول شخص أو رفضه حسب تصنيفه في حين إنه من المفترض قبول الأفكار أو رفضها دون رفض الاشخاص او اقصائهم.

فالعقول الراقية تتحدث في الافكار أما الأقل رقيا فتنشغل بالاشخاص.

التحدي الحقيقي لنا خلال هذا العام، الذي أطل علينا بروح يملؤها التفاؤل، هو في إحداث تغيير من داخل التكوين الفكري للإنسان، وهو ما نجح فيه من قبل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عندما كنا نمر بمرحلة بناء للدولة تشبه ما نمر بها الآن، إلا انه لم ينجح في تغليف انجازاته بغلاف سياسي، فضاع الكثير مما بناه وذلك لان إحداث تغييرات في المجتمع دون تغيير الانسان من داخله سيجعلها تغييرات مؤقتة ولن يكتب لها الاستمرار إلا إذا اصبحت جزءا من الانسان.

فالانسان هو المكون الثابت علي الارض، وكل ما عدا ذلك متغير ومترتب علي بقائه وطريقته في التعامل مع المعطيات من حوله.

—————–
منى العزب كاتبة بأخبار اليوم

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 2862 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.