الثلاثاء , 23 أبريل 2024

شيرين وجدي تكتب: الكرسى اللي فى النص (2)

= 830


ثورة ثورة حتى الموت غيظاً..!

ده يا سادة الشعار اللي كنت بردده يومياً بينى وبين نفسي، لأنى أنا من يوم ما قامت الدنيا وما قعدتش وأتت بشائر الثورة المجيدة، من بداية التويتات والتجهيزات وتجميع الإطارات عشان يولعوا فيها يوم الثورة، وحيث ان مقر عملى يا سادة فى منتصف خط سير الثورة ذهاباً وإياباً، وبدون مبالغة فقد مررت بعون الله بكل ألوان الجحيم بدايةً من الثورة الأم يوم 25 يناير مروراً بموجات المد الثورى وصولاً الى الثورة الأب 30 يونيو، ولم يخل الأمر من إعتصامات ووقفات للمسلمين والأقباط والفئويات.

 ولم يكن المؤلم فى الموضوع حضورى القسري لهذه الفعاليات، ولكن تبعات هذا الحضور، من حيث الإلتفاف الإجبارى لأسلك شوارع جانبية وامشى كيلو مترات وابحث عن ألف وسيلة مواصلات لتقلنى من مقر عملي  بالتحرير الى مكان سكني بشارع فيصل!

ومع ذلك لم امتعض او اشجب او ادين ولا شتمت الثورة ولا الثوار، حتى حينما كنت اسمع السباب فى الراحة والجاية من وإلى عملى والتى كانت مقراً مستديماً لمشردى الثورة وبلطجية الثورة والقافزين على الثورة والمتأسلمين والأقباط والملحدين والمكبوتين والمعوقين والمقهورين ، ولم استفذ او اغضب حينما اجبرت يوميا على استنشاق الغاز المسيل للدموع او على التبرع بالدماء او على قراءة 3000 لافتة سب ولعن ونواح طوال الطريق يومياً!

ولكن أسوأ ما مر بي، كان يحدث حين أصعد الى الكرسي المفضل فى منتصف الميكروباص وأتفاجأ بأن نصف السيارة من الثوار والمدعين الثوريين والنصف الآخر من المتأسلمين وفلول الحزب الوطنى ومؤيدي النظام الحالي.. بس!! وزغرطى ياللى مانتش غرمانه ، وتبدأ العاركة!

 رجل وقور بركة قرر مرة واحده يقول كلمتين فى حق الثوار الأطهار بأنهم سبب الخراب ووقف الحال! فيرد عليه ولد عامل قصة الكلب الكنيش ويضع سلسلة حول رقبته وسماعات فى اذنيه ورغم ذلك سمع كويس !! ويرد على الراجل الكباره بمنتهى الوقاحة "ما انت يا جدو لو كنت قدرت تعمل حاجة طول حياتك ما كانش الشباب السيس أمثالى اتكلموا ولا نطقوا" !!

وهب بتوع الحزب الوطنى يردوا "دى قلة ادب هو لولانا احنا كنتوا انتوا عرفتوا تبقوا حاجة على الاقل كنا عارفين نأكلكوا اهو بثورتكوا جعنا", ووجد الإسلاميين فرصتهم ليتدخلوا معلقين "دى قلة ادب وقلة رباية " نتيجة العلمانية والبعد عن الدين ونتاج حكم وظلم 60 سنة ، فتتحرك مشاعر المؤيدين للمرحلة الحالية مرددين "مالكوا محروقين ليه عشان لموكوا وادبوكوا وخلوكوا دخلتوا الجحور" !!

كل هذا ناهيك عن السباب المستتر والواضح والصوت الذى يصل لحد الصمم إلا ان الأدهى والأدل هو دائماً رد فعل السائق …

ولا يفوتنى فى إحدى المرات كان السائق أسمر نحيفا وغالباً مدمن، ظل ينظر فى المرآة الأمامية للخلاف الدائر دون اى تدخل، وجاء عند منتصف كوبرى قصر النيل وتوقف بالسيارة وقد فاض به الكيل حتى انه لم يستطع الصبر دقائق حتى يلقى بنا خارج السيارة
ثم خرج من السيارة واغلق بابه بعنف واضح، وفتح باب الركاب وسبنا جميعاً بكل الألفاظ وختمها " ده ايه كوكتيل الركاب اللى يارب يولع ده "؟

وقال لنا نصاً "انا دماغ أمى هربانه ولو ما سكتوش لحد ما انزلكوا فى المحطة هنزلكوا هنا اقرب فى النيل" !! ورزع الباب والناس كلها فاتحة بقها فى ذهول ولا يستطيع اى منهم التعليق لانه طبعاً عارف النتيجة !

وسبحان الله، رغم غضبى من انى اتشتمت فى النص بدون داعى إلا إنى كنت ساكتة تماماً طول الطريق ورغم انى كنت اتمنى انزل اقف بجوار السائق واشتمهم كلهم..
إلا ان رد فعل السائق من وجهة نظرى كان عمل ثورى حق لأنه أخرس كل الأصوات وريحنى منهم .

وسرحت فى الدقائق التالية، وأنا اتساءل: "هو لو نفذ تهديده ونزل بينا فى النيل هل كنت هلحق انط من بين الركاب وانا محشورة فى الكرسي اللي فى النص؟

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 1170 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.