الثلاثاء , 23 أبريل 2024

سيبويه..إمام النُّحاة

= 1211


للشيخ: صالح بن عواد المغامسي

من الناس من يموتون ولا يبقى لهم أثر بعد موتهم، ومنهم من إذا مات خلف آثاراً وبصمات واضحة في الحياة، فكل من ذكره قال عنه: يرحمه الله.من هؤلاء الذين تركوا أثراً واضحاً في الحياة الإمام الجليل سيبويه، فقد خلف علماً يدرسه الناس على مر العصور، ويتداوله طلاب العلم على مضي الأزمنة.

وهذا اللقاء من لقاءات لطائف المعارف يحمل عنوان "إمام النحاة"..إن الله أنزل القرآن بلسان العرب، قال الله جل وعلا: قُرْآنًا عَرَبِيًّا [يوسف:2]، والحاجة إلى حفظ لغة العرب ضرورة ولزام؛ لأنه ينجم عن ذلك حفظ كلام الله تبارك وتعالى، وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم، والنحو العربي مر بأطوار، وشهد أئمة ومشاهير علماء أسهموا بقليل أو بكثير في نشأة النحو، وأهل الصناعة النحوية يقولون -على خلاف بينهم لكن الأكثرين يرون-: إن أول من وضع أسس علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي.

 وكان الناس في أول الأمر لا يكاد يلحن منهم أحد، ولا يكاد أحد منهم يخرج عن قواعد الإعراب التي سمعها بعضهم عن بعض، جيلاً بعد جيل .. مما كان يردده الجاهليون، ثم أهل الصدر الأول من الإسلام، ثم لما اختلطت العرب بالحضارات الأخرى وانتشر الموالي والأعاجم، وجاور الناس فارس والروم، دخل فيهم اللحن، فبعد أن كانوا يحصون من يلحن، أصبحوا لا يكادون يحصون إلا من لا يلحن، ولهذا قال الأصمعي : أربعة لم يلحنوا في هزل ولا جد، وذكر منهم الحجاج بن يوسف وذكر منهم الشعبي ، وغيرهما، ثم قال: وكان الحجاج أفصحهم.

سيبويه إمام النحاة

يكاد يجمع أهل الصناعة النحوية على أن سيبويه رحمة الله تعالى عليه هو إمام النحاة، وإن كان هذا الأمر ليس فصل خطاب، إنما شهد النحو علماء كثير.سيبويه لقب ومعناه: رائحة التفاح، ويقال: إن أمه كانت ترققه كما ترقق كل أم ولدها بهذا اللقب، واسمه: أبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر فارسي الأصل، مات في ريعان شبابه كما سيأتي. هذا العلم في علم النحو طلب -أول حياته- علم الحديث وجلس عند حماد ، فلما جلس عنده كأن حماداً طلب منه أن يقرأ حديثاً، فقال سيبويه وهو يقرأ: (كل أصحابي ليس أبو الدرداء) فقالها سيبويه بالرفع ظناً منه أن (أبو) اسم للفعل ليس، فخطأه حماد وقال له: أخطأت يا سيبويه ، إنما هو استثناء،أي: أن المعنى ليس أبا الدرداء ، أي: إلا أبا الدرداء ، فقال: لأطلبن علماً لا ينازعني فيه أحد، فتوجه إلى الأكابر في زمانه ممن يؤخذ عنهم النحو، ولحق بـالخليل بن أحمد ويونس ، وغيرهما، وأخذ عنهم العلم.

والخليل بن أحمد أحد أئمة النحو الكبار الذين آتاهم الله جل وعلا العلم والحكمة، والنظر في دقائق المسائل. وقد أورثها الله جل وعلا من الخليل إلى سيبويه ، فأخذ سيبويه عن الخليل بن أحمد وكان ذلك كله في البصرة، وفي البصرة أسس سيبويه علم النحو حقاً، وكتب كتاباً في النحو لكنه لم يخرجه للناس، ثم إنه أصابه ما أصاب أهل زمانه من الاستشراف في الخروج إلى بغداد، وكانت بغداد آنذاك حاضرة العباسيين وعاصمة دولتهم، ويؤمها العلماء والأدباء والمحدثون، وينالون من عطاء الأمراء والخلفاء، ويكون الإنسان فيها ذائع الصيت.
—————
وللحديث بقية إن شاء الله.

شاهد أيضاً

المفتي: دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهريا يقع منها واحد في الألف

عدد المشاهدات = 8885 أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يأتي إلى دار الإفتاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.