الثلاثاء , 23 أبريل 2024

د. إيمان دويدار تكتب: تعلمت فتعودت التعلم ..شكرا سيدتى الجميلة!

= 2812

eman-dwedar

د. إيمان دويدار *

 

 
تعلمت منذ شعرت بوجودى كطفلة صغيرة لم اتجاوز الثلاث سنوات الأولى من عمرى أن أرى امى هذه السيدة التى كانت تتحرك وتفعل بدون كلام أو صوت عالى أو صراخ ، فرايتها تفكر فتقوم وتنفذ ما أوحى لها به عقلها من فكرة، تضيف لنا بداية من تحضير طعام الإفطار وايقاظ كل منا بصوتها الحنون الراقى تدعونا للاستيقاظ وتذكرنا انه بإمكاننا الاستفادة من يومنا هذا كما تفعل هى..

 

أما هى فكانت بعد الانتهاء من افطارنا أراها مسرعة للانتهاء من أعباءها المنزلية  من ترتيب وتنظيف وغيرها من أشياء علمتنى انها ضرورة لأنه واجبها ولابد أن تنجزه على أكمل وجه  ، ومثلما كنت أراها تصلى الفجر وتدعو لنا ولغيرنا بالخير  ، علمتنى أن أراها تصلى كل فرض فى ميعاده تاركة كل ما بيديها من أعمال لحين الانتهاء من 
الصلاة فتعلمت وتعودت على أن أفعل مثلها ولما لا فقد أصبحت عادة..

ومنذ أن عهدت أمى فهى تفعل ولا تتكلم إلا للضرورة  ، فلم أعهدها بوقا يتكلم ولا يفعل  ، كما لم أعرف عنها إلا قول الحق فلم تكذب أبدا فى كلمة قالتها لى أو لأحد من إخوتى  ، أو على جارتنا حينما كانت تأتى تطلب منها شيئا فكانت مرحبه حقا وتعطيها ما أرادت اذا كان متاحا لديها بالطبع  ، وبعد انصرافها يظل وجهها مشرقا ولم تتلفظ بكلمة عنها بعد رحيلها بأسلوب غير لائق  كما تفعل الكثيرات من أمهات هذه الأيام  على رأى المثل القائل "فى الوش مرايه وفى القفا سلايه "، فهنا علمتنى امى الصراحة وعودتنى على الوضوح فتعلمت وشاهدتها امامى كنموذج لذلك وأصبحت عاده وتحولت إلى قاعدة ثابتة  فى كل تصرفاتى وافعالى..

علمتنى أمي أن أقول ما رأيت لا ما سمعت ، كانت ومازالت تردد انها تثق بى، ولذا تأخذ بمشورتى، وأخذ رأيى فى كل ما تفكر أن تقوم به من أفعال ، ولما لا وهى التى جاءت يوما وطلبت واصرت على أن آخذ درسا بمفردى لأنها تثق فى قدراتى وان وجود أحد الأطفال معى سوف يأخذ من تركيزى ويقلل من مجهودى الذى تثق اننى قادرة على تحقيق النجاح حين أبذله دون أن يشاركني أحد فيه، وخاصة أنها رأت بعين ثاقبة أن الطفل الذى تريد والدته مشاركتى وقت درسى الخاص يحمل صفات الخمول وعدم التركيز وكان لها ما أرادت..

كان ذلك وأنا فى نهاية المرحلة الابتدائية،  وكان خبر نجاحى بدرجات عالية قمة فرحتها،  فتعلمت أن النجاح يستحق الفرح، وان المحافظة عليه ضرورة تستحق بذل المزيد من الجهود والعمل المستمر، وان أثق بنفسى أكثر وأكثر .. 

علمى طفلك من خلال نموذج يفكر فيقوم فيتصرف ويفعل سلوكيات ايجابية بلا صراخ أو إهانة لفظية أو جسدية..اخلقى له أسلوب حياة سليم واتركيه بلا خوف أو قلق وثقى به  ..كما علمتنى امى فتعودت .

————

* استشارى الصحة النفسية للأسرة.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 1290 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.