الجمعة , 19 أبريل 2024

واعظة بالأوقاف تؤكد على أهمية التسامح فى شهر رمضان

= 5577

 

 

شهر رمضان، جعله الله، فرصة لكل عاصي أو متخاصم أن يبادر بالعفو والصفح فهو شهر التسامح والغفران والحب والرحمة.

وتدعو السنة النبوية المشرفة إلى أن يكون الصوم مدرسة تربوية تسمو فيها النفس إلى أرفع منازل الكمال الإنساني، فالإنسان المتسامح هو صاحب القلب الكبير الذى يتسع ليستوعب الناس بجميل الأخلاق.

وقالت الدكتورة صفاء ابراهيم ، الواعظة بالأوقاف ، إن رمضان شهر التسامح ، فمن كان بينه وبين أحد من الناس قطيعة أو شحناء فليعجل بإنهائها ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ، أما الفجور في الخصومة واللدد فيها فمن علامات النفاق والمنافقين ، فإذا خاصم المنافق فجر، أما المؤمن فسهل قريب كريم هين لين يألف ويؤلف ، ومن كان كذلك حرم الله جسده على النار، ولا سيما في شهر الرحمة والتسامح والمغفرة والعتق من النار، مؤكدة أن التسامح والصفح الجميل والعفو شرط لقبول الصيام والطاعة. 

وأضافت الدكتورة صفاء خلال كلمتها فى حلقة من حلقات برنامج ” مع الصائمين ” الذي تقدمه وكالة أنباء الشرق الأوسط ” أ ش أ ” على مواقع الوكالة على ( الفيس بوك ) ويوتيوب على الروابط التي يتم إذاعتها يوميا على الموقعين بمناسبة شهر رمضان الكريم : ولا شك أن ديننا هو دين الرحمة ، دين التسامح ، دين العفو ، دين الصفح ، دين الحلم ، دين مكارم الأخلاق ، وقد علّمنا القرآن الكريم ودعانا إلى أن نصفح الصفح الجميل ، فقال سبحانه مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) سورة الحجر آية(85)، وهو الصفح الذي لا منّ ولاعتاب ولا تأنيب معه .

ويقول (عز وجل) : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف آية 199 , ويقول سبحانه: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) سورة الفرقان آية 63, ويقول سبحانه: و(َلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوٓاْ ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) سورة النور آية 22، وفي الحديث النبوي الشريف : أَنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : “يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ” .

وتابعت قائلة : وقد كان من عاداتنا وأعرافنا الجميلة أنه إذا جاء رمضان تصالح المتخاصمون ، وتزاور الناس وتواصلوا ، وأدركوا بل أيقنوا أنه لا مجال للخصام أو الشقاق في هذا الشهر الكريم.

وإذا كان نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا ، وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ” . 

وأوضحت ابراهيم ، أن الناس يدركون أن صيامهم لا يمكن أن يكون تامًّا كاملاً مع وجود الشحناء أو البغضاء فيما بينهم ، ومن ثم كانوا بفطرتهم يحرصون كل الحرص على إنهاء أي خصومات أو شحناء قبل رمضان ، وقبل السفر إلى الحج ، ويعدون ذلك من لوازم القبول.

ولم يكن الأمر يقف عند هذا الحد ، إنما كان يتجاوزه إلى التزاور المتبادل في ساحات كرم ومآدب إفطار وسحور هذا الشهر في أجواء عائلية وإنسانية تتسق وآداب هذا الشهر الكريم ، لا تهدف إلا إلى تعميق أواصر الرحمة والمودة بين الأهل والجيران والأصدقاء في أريحية مصرية تستحق التشجيع والتقدير .

وأن رمضان شهر اتساع الأخلاق والنفوس لا ضيقها ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إني امْرُؤٌ صَائِمٌ ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا ، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ ، وَإِذَا لقي رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ”، أي فليتحصن بصيامه وليحافظ عليه ، وألا ينساق إلى ما يتعرض له من استفزاز ، فالصائم الحق هو الذي يملك نفسه عند الغضب ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ”.

 وأكدت أن ما نراه من تصرفات عنف شاذة إنما هي غريبة على ديننا وثقافتنا وهويتنا الحضارية ، ويزداد الأمر استنكارًا إذا وقع هذا العنف في هذا الشهر الفضيل ، ويكون الاستنكار أشد حدة إذا كان من إنسان محسوب شكلاً على الصائمين والقائمين ، إذ لا ينبغي أن نفهم الصيام أو نقصره على مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، إنما هو تهذيب للطباع ، وترقيق للمشاعر ، وتقويم للسلوك المعرفي ، وتدريب على قوة التحمل ، وصولا إلى تحقيق أعلى الأهداف ، وهو تحقيق التقوى والمراقبة التامين ، حيث يقول (سبحانه وتعالى) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) سورة البقرة آية 183.

وأشارت الدكتورة صفاء إلى الإسلام دعا إلى السماحة، واليسـر، والتيسير ، والرحمة ، والرفق ، فقال نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” رَحِمَ الله عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ و إِذَا اشْتَرَى و إِذَا اقْتَضَى” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) :” دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ بِسَمَاحَتِهِ قَاضِيًا وَمُتَقَاضِيًا”, ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ “, ويقول (صلى الله عليه وسلم) :” اللهمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ “.

فما أحوجنا في هذا الشهر الكريم إلى مراجعة النفس ، إلى التسامح والتصالح مع أنفسنا ، مع أهلينا ، مع أزواجنا ، مع أبنائنا ، مع أشقائنا وشقيقاتنا ، مع أعمامنا وعماتنا ، وبني أعمامنا ، وبني عماتنا ، وأخوالنا وخالاتنا ، وبني أخوالنا وبني خالاتنا ، وجيراننا ، وأصدقائنا ، وزملائنا ، وسائر المتعاملين معنا نسعد في عاجلنا وآجلنا بإذن الله (تعالى).  

 

شاهد أيضاً

المفتي: دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهريا يقع منها واحد في الألف

عدد المشاهدات = 6382 أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يأتي إلى دار الإفتاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.