الجمعة , 29 مارس 2024

محمد صقر يكتب: شباب قادهم الوهم!

= 1300

(سفرة برة) هي آفة هذه الأجيال حيث أن مافيا التعليم الأجنبي أصبحت جائحة كارثية واستشرت على أرض الواقع لأنه قد انساق كثير من شبابنا و شاباتنا في الأيام الأخيرة وراء الوهم المصطنع الذي يباع في الخارج والذي صنعته مؤسسات كرتونية مجوفة فارغة تهدف للتربح على صدى التعليم وعلى حساب كل ضحية من ضحايا التعليم ولا شك مطلقا أن التعليم سيبقى و سيظل غرضا شريفا ورسالة سامية تتنزه وتتبرأ من هؤلاء ومن الوهم الذي يصدرونه ومن الشائعات التي يروجون إليها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

فمنذ متى والالتحاق بكليات الطب بمجموع متدن! وأكاد أجزم لكم أنه من الممكن أن يكون مجموع الطالب أو الطالبة خمسين بالمائة فقط في الثانوية العامة ونراهم قد قبلوا بكليات الطب و الهندسة و … إلخ هناك و التحقوا بها! فما هذا العجب العجاب! و منذ متى والهندسة أو طب الأسنان بكامل فروعهما يتاحان لخريجي الشعبة الأدبية! في حين أن هذه المهزلة لم نرها تحدث من قبل في مصر.

ولا شك أيضا أن المسألة باتت أكثر وضوحا من قرائتنا سالف الكلمات فهذه المؤسسات الدنيئة المغرضة قد اتخذت العلم شر متخذ فجعلته تجارة كاسدة و لأن التعليم حتما و لا بد – بتمام الوجوب و الإلزام – يأبى كما عودنا أن يكون سلعة رخيصة مبتذلة تشترى بثمن بخس فقد كان إليكم هذا المضمون المتواضع أي أنه ينبغي و أن يؤدى العلم بشرف و أمانة و نزاهة و إخلاص لذا أكرر بصدر رحب التوعية و أذكركم – ما نسيتم – رأفة بشبابنا الغالي و الله على كل شيء شهيد.

و لعل البيزنيس الحقير الذي تتولاه بعض الدول الأجنبية و تروج إليه و تشرف عليه – تربحا من ورائه – يعتمد بشكل رئيس على
(سماسرة التعليم) و الذين هم مندوبو مبيعات لهذا الوهم و هم – قطعا – ميتة الضمائر لذا كان لزاما علينا أن ننوه إلى هذا الأمر الجلل لأخذ الحيطة والحذر و الدافع و الحجة المذكورة هو أن هذه الكليات تحقق أحلام كثيرا من الطلاب و الطالبات و تسمح لهم بالالتحاق بكليات القمة التي يوهمون الجميع أنها كذلك و للأسف الشديد أنها لم ترتق لأن تكون كليات أولا حتى تكون قمة بعد ذلك و للأسف الأشد أنها تتضح أمام أعين الجميع و الغالبية العظمى – ممن هم هناك – أصبحت تغالط نفسها و تعين هؤلاء على فعلتهم المشينة.

فلازال أولياء الأمور ينبهرون بما يسمى بالتعليم الخارجي و لا زالوا ينصتون إلى سماسرة الوهم و ينساقون وراءهم و لا زالوا يبعثون بأبنائهم و بناتهم هناك و ما زال أغلب الطلاب و الطالبات هناك لا يصدقون الله حديثا و يخدعون أنفسهم و إيانا خداعا مريرا فماذا ننتظر يا سادة من أناس لا تصدق مع أنفسها ! و هل لنا بعد ذلك أن نأتمن مثل هوْلاء على روح إنسان ألهذه الدرجة قد أضحى الإنسان رخيصا و العلم رخيصا ! فيا ليتهم ينقلون الواقع بأمانة ! فقد استحبوا الباطل ودحضوا الحق محبة في الحياة السلسة – التي لا عناء فيها هناك – و اعتيادا على شراء النجاح بثمن بخس.

وهذا الكذب – أعزائي – هو الشيء الوحيد الذي لم يشترى هناك بل يتعلمونه بالفعل من هذه الدول فنستطيع القول أن الحياة السهلة – دون تحمل المسئولية – هي الشيء الوحيد الذي علمته هذه الدول لخريجيها .

كما أنه ليس بغائب عني أو عنكم أو عن الجميع ما هي كليات القمة في مصر و ليس بغائب أيضا السبب الذي جعلنا جميعا نطلق عليها هذا الاسم فهي بالفعل كليات قد ارتقت إلى مكانة رفيعة تقدر و تحترم فلا مراء أن الهندسة علم جليل و لا شك أيضا أن أشرف علم بعد علم الكتاب و السنة هو علم الطب و لا شك ثالثا أن طب الأسنان و الصيدلة و الإعلام و العلوم السياسية و … إلخ هن درجات علمية متينة لا تقل أبدا عن غيرها بل تتسابق وإياها مع نظيراتها من الدرجات العلمية القيمة.

و هذا بلا شك أقصه عليكم بشعور مختلط فيملؤني الأسف على شبابنا المغتربين وفي الوقت ذاته أتحدث و كلي إجلال و رفعة و تقدير للمحتوى المتأصل الذي يظفر به الطالب و الخريج من إحدى هذه الكليات كما أنني لا أقصد قطعا الإساءة أو التقليل من مكان بعينه و لا أسوق إليكم أي كتاب مغرض و لكن ما أعاهدكم به أمام الله أنني أتوخى صالح طلاب و طالبات مصرو لقد لاحظت بعين الاعتبار أن ما يندى له الجبين خجلا هو أنهم يبيعون الوهم للطالب الوافد إليهم فهل تصدق – عزيزي ولي الأمر – أن السنوات الدراسية تشترى هناك ! و من يرضيه هذا الأمر ! فكفى أن ذلك الأمر لا يرضي الله.

‏و لقد باتت الأمور أكثر سوء و تدهورا و ذلك حينما عرفنا أن المسألة غير متوقفة بالمرة على شراء سنوات الدراسة أو حتى الشهادة نفسها – على اختلافها – و لو أن ذلك مرفوض بجميع الأحوال بل قد تطور الأمر لدرجة أننا رأينا هناك كل شيء يشترى فأي إنسانية أمرت بذلك !

‏ و الكارثة هنا – أحبابي – أن هؤلاء لا يفقهون أنه هناك ما لا يمكن شراؤه كالضمير الحي و التصالح مع النفس و الفكر البناء و النضج و العقلانية و الإنسانية و الأمانة و غير ذلك كثير – و لا أزكي نفسي على خالقها – بل إنني و ايم الله أتفوه فقط بكلمة حق أحاسب عليها أمام فاطر السماوات و الأرض – يوم أن يرث الله الأرض و من و ما عليها – و أمامكم من بعده و أتمنى أيما تمن أن يتواجد من يتفهم الأمر و يقدره حسن التقدير .

‏و إنني لأكتب الرسالة المتواضعة التي تقرأونها الآن و أنا أنوي كل خير و كلي حرص على مستقبل شباب مصر الواعد الذي يستحق مزيدا من التفقه و التثقف و الشفافية و الإدراك و يستحق كل خير – دونما جدال – .

‏و أقسم مرارا و تكرارا ببارئ الخلق أن معظم الدراسين هناك في مثل هذه – التي يطلق عليها دولا متمدنة و التي يطلق عليها أيضا كليات قمة – ضحية بيزنيس لا وطن له و لا شرع يحكمه و لا مبدأ يأويه و لا منطق يرتضيه و لكن لنسأل أنفسنا سؤالا ألا و هو : – ” ما الذي يجبر طيورنا المهاجرة على ترك دفء مصر ! “.

‏و ما الذي يكره فلذات الأكباد على ترك مصر بما فيها من قيم و حضارة و أصالة و ثقافة و علم ليضعهم تحت ضرس هؤلاء أو غيرهم و إنني لأرى أن جامعات مصر حكومية كانت أم خاصة أم أهلية منابر علم شامخة قديرة يتخرج فيها كل عام كوادر يضرب بهم المثل في حسن المأسى و نماذج مشرفة ترفع اسم الوطن عاليا .

‏و لا مراء بعد فالعلم في مصر رسالة مصونة ترتدي ثوب الرفعة و الأمانة و الشرف و السمو فكيف نقارن !
‏فشتان بين هذا و ذاك لقد حولوا هم العلم إلى سلعة تباع و تشتري فوا أسفاه على قادم الأجيال !

و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6876 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.