الخميس , 9 مايو 2024

لافتات إنسانيةٌ ..إسلاميةٌ (2)

= 681


د. مصطفى يوسف اللداوي

قلنا في الجزء الأول من هذا المقال، إن الإنسان الحق هو الذي يميزه سلوكُه، ويدل عليه منطقُه، ويشير إليه منهجُه، ويشجع عليه تعاملُه مع الآخر، وطريقته في التعامل مع غيره أياً كان دينه أو مذهبه، وأياً كانت هويته أو جنسيته، وبعيداً عن لسانه أو لغته، ولونه أو شكله، ولباسه أو هندامه.

فلا وجود بيننا ولا معنا لغريبٍ وافدٍ، ولا لمارقٍ جاهل، ولا لمريضٍ معتوه، ولا لمجنونٍ أخرقٍ، ولا لسفيهٍ أرعنٍ، ولا لدخيلٍ مشبوهٍ، أو عدوٍ حاقد، ولا لخصمٍ خبيثٍ أو صديقٍ ماكرٍ، ولا لناصحٍ فاسدٍ أو لبطانةٍ مرتزقة.

ولا للطوافين الكاذبين، المصفقين المنافقين، الجشعين الطماعين، الساعين لمصالحهم، والمشغولين عن الأمة بهمومهم ومكاسبهم، المفرطين في الحقوق، والمتجاوزين للحدود، الغارقين في الفساد، والساعين في الرذيلة، والماضين في الجريمة، عبيد الأهواء، وجنود المصالح، وأتباع الغرباء والأجانب.

ولا لتجار الكلام وباعة الوعود، تجار الجنس والرقيق، ومهربي المخدرات ومروجي المحرمات، مصاصي الدماء، وآكلي الحقوق، ومنتهكي المحرمات، ومستغلي الضعف والحاجات، ومنتهزي الفرص والمفاجئات، المتربصين للصيد، والمطاردين للقنص، والساعين للهتك، والطامعين بما في أيدي الغير ولو كان قليلاً، والغاصبين للحقوق ولو كانت مصونة، والمنتهكي الأعراض ولو كانت مستورة.

لا لفكرٍ يطغى، ولا لعقلٍ يصادر، ولا لفهمٍ يُجرم، ولا لتبعية عمياء، ولا لتقليدٍ مريض، ولا للعينِ الواحدة، والثقب الصغير، والأحادية العقيمة، ولا للنظرة السوداء والفكر المقيت، وسياسة الإكراه، ومنهجية العنف، وفكر التطرف، وحرية الشذوذ، وخصوصية الانحراف.

ولا لحاكمٍ يخلق الجريمة، ويؤسس للتطرف، ويظلم الشعب، ويعذب المواطن، ويضهد الإنسان، ولا يبالي بكرامة الناس، ولا يعير حياتهم اهتماماً، ويغرس مفاهيم التمييز، ويقصي أسس العدالة، ويحارب مبادئ المساواة، ويرسي قواعد الغلو، ويقود إلى الإيغال في التشدد والتطرف، ويستنجد بالغريب، ويستقوي بالعدو، ويبطش بمواطنيه ليبقى، ويشرع للطامعين والعابثين على حساب الوطن ليكون.

ليس منا مَنْ أرعبَ وأخافَ، ومن أرهبَ وهددَ، ومن قتلَ وحرمَ، ومن سفكَ وذبحَ، ومن شرَّدَ وهجَّرَ، ومن سرق ونهب، ومن جرَّد وصادر، ومن كذب ونصب، ومن ادَّعى وتآمر، ومن خاصم وفجر، ومن افترى وبهت، ومن زور وبدَّلَ، وحرَّفَ وغيَّر، ومن سعى بالفساد، ومشى بالنميمة، وخان الأمانة، وفرط في الوديعة. نعم لدينٍ سمحٍ، حنيفٍ سهلٍ، رحيمٍ كريمٍ، يأخذ بأيدي الناس من الضيق إلى الفرج، ومن السقم إلى الصحة، ومن السأم إلى النعمة، ومن الجور إلى العدل، ومن البطر إلى الرضا، ومن الانحراف إلى الاعتدال، ومن الشذوذ إلى العقل، ومن التطرف إلى الوسطية، ومن التيه إلى الرشد، ومن الضلال إلى الرشاد، ومن الضياع إلى الجادة، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الخوف إلى الأمان.

إنه إسلامنا الحنيف، وديننا الرشيد، وإرثنا العظيم، الذي أنار الدنيا وعمر الكون، وأشاع العدل ونشر العلم، وأرسى مفاهيم الإخاء والمساواة، وعظم مورثات الحق والشرف والنخوة، والنبل والجود والبذل والسخاء، الذي يحمي الإنسان، ويؤمن الغريب، ويحرم القتل، وينتصر للمظلوم، ويهب لنجدة الملهوف، ومساعدة المحتاج، ويقف عند الحدود، ويحترم الخصوصيات، ويلتزم الحدود، ويقف عند المحرمات.

هذا هو ديننا الذي نعرف، وهو الذي إليه ننتمي وننتسب، وبه نتعبد ونتقرب، وبه نشرف ونفخر، وإليه ندعو ونبشر، وبه نؤمن ونصدق، فالله ربنا، والقرآن كتابنا، وإسلامنا العظيم السمح الحنيف هو ديننا.

شاهد أيضاً

تعرف على فضل وأسرار قراءة سورة البقرة في البيوت

عدد المشاهدات = 16889 ثبت في الحديث الصحيح أن الرسول صلى عليه وسلم قال: اجعلوا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.