حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
—
وأنا أقلب في ألبوم الذكريات البعيدة علقت في ذهني صورة قديمة ..تستحق ان نتشارك فيها
هناك في باحة مسجد معلق وسط البحر ..
يا الله ما أجمل تلك الأيام ..
كان أهل الحي كلهم جيران
كان في رمضان كل بيت يطبخ صنفا ويحمل الصغار الصحون للجيران ؛ حتى لا يضيع وقت العبادة في المطبخ .
كان الكبار مربون وقدوات وأهلا للتقدير والاحترام
كانوا يمثلون حديث الجسد الواحد ..
إذا مرض جار ضج الجميع في منتصف الليل كأننا في عز الظهيرة
لا أذكر تكلفا مع الحيران ..ما نقص في بيتنا كملناه من بيوتات الجيران
كان الصغار لا يفرقون بين البيوت إلا عند النوم ليلا
لم يخطر بذاكرتي أننا كنا نتخاصم أو نتباعد ؛ كانت أطول مدة غياب عن بعضنا عادة تبدأ من منتصف الليل حتى ضحى اليوم الذي يليه..
أجمل الذكريات التي لايمكن أن تمحوها الأيام؛ سهرة الخميس حول دلال القهوة نجتمع كلنا ونجهز العشاء معا وننظف المجلس معا … معا معا … في كل شيء
نسهر حول القهوة الساحرة بقلوب متحابة وبسمات صادقة ومشاعر تفيض بالخير ووجوه تبعث البشر ..
ثم نودع بعضنا كأنه سفر بلا عودة ..
كانت الصديقات مخلصات لبعضهن تبذل كل منهن للأخرى ما تستطيع
لم تزد الأيام مشاعرهن إلا تدفقا وخيرهن إلا بذلا ..
نعم تفرقنا .. في الجغرافيا والأماكن .. وبقيت القلوب متقاربة !!
نداء المشاعر ما يزال يداعب وشائج القلب ويبث فيها الحياة من جديد
مازالت الدعوات عابرة للقارات وهي أسمى آيات الوصال ..
سقطت دمعة حنين وذكريات من العين مقرونة ببسمة الرضا ..
سأذكركم إذا جن الدجى
وأشرقت شمس بليل زمان
فلتذكروني بالدعاء فإنني
مالي غنى عن دعوة الخلان
هذه الأخلاق والمبادئ التي عمرت النفوس البريئة .. البيوت الخاوية والأحياء المهجورة وأنارت القفار المظلمة وملأت الدنيا سعادة ورضا وخرجت من مدارسها الأبطال والعلماء والسادة ..
الأخلاق والشيم النبيلة هي كنز الإنسان الحقيقي الذي لا يزيده الزمان إلا سموا وقيمة ..
قد تخسر الثروات من المال والكنوز لكن أخلاقك لا تخسرها إلا بإرادتك .. بقرار شخصي لا يصح لعاقل أن يتخذه
أخلاقك أكثر وفاء بك فلا تفارقها عند موتك بل ترحل بعدك بزمان طويل ..
سنخرج من الدنيا يوم لا نحمل منها إلا خيرا بذلناه يوما هنا .. ونية صالحة اجتهدنا لها
لا تبخلوا على صحائفكم بالبر والعطاء
ومن ذلك الخير الذي نشتاق له جميعا بسمة تزرعها أو كربة تفرجها أو ذكرى طيبة تخلفها بعد رحيل.
——————–
* مصحح لغوي وباحث علمي.
