الأربعاء , 24 أبريل 2024

الصبر وآثاره على المسلم في الدنيا والآخرة

= 2357


محمد كاظم الجادري

الصبر منزلة من منازل السالكين، ومقام من مقامات الموحدين، وبه يصبح العبد في سلك المقربين ويصل إلى جوار رب العالمين. وقد أضاف الله عز وجل الدرجات والخيرات إليه وذكره في نيف وسبعين موضعاً من القرآن الكريم.

ووصف الله سبحانه وتعالى الصابرين بأوصاف فقال عزوجل: ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) وقال سبحانه: ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ) وقال: ( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ).

فما من فضيلة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر، ولذا قال تعالى: ( انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )، ووعد الصابرين بأنه معهم فقال تعالى: (واصبر إن الله مع الصابرين )، وعلق النصر على الصبر فقال: (بلا إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين )، وجمع للصابرين الصلوات والرحمة والهدى فقال: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ).

والآيات الواردة في مقام الصبر خارجة عن حد الاستقصاء، والأخبار المادحة له أكثر من أن تحصى.

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين: الصبر نصف الإيمان.

وقال (ص): من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر، ومن أعطى حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار. ولئن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحب إلي من أن يوافني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم. ولكن أخاف أن تفتح عليكم الدنيا بعدي فينكر بعضكم بعضاً وينكركم أهل السماء، عند ذلك فمن صبر واحتسب ظفر بكمال ثوابه ثم قرأ قوله تعالى: ( وما عندكم ينفذ وما عند الله باق ).

وقال (ص): الصبر كنز من كنوز الجنة.
وقال (ص): في الصبر على ما تكره خير كثير.
وقال (ص): الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا جسد لمن لا رأس له ولا إيمان لمن لا صبر له.
وقال (ص): ما تجرع عبد قط جرعتين أحب إلى الله من جرعة غيظ ردها بحلم. كما أوحى الله تعالى إلى داوود (ع): يا داوود تخلق بأخلاقي وإن من أخلاقي أنا الصبور.

وروي أن المسيح عيسى ابن مريم (عليه السلام) قال للحوارين: أنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون.

وقال الرسول (ص): ما من عبد مؤمن أصيب بمصيبة فقال كما أمره الله تعالى: (إنا لله وإنا ليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واعقبني خيراً منها. إلا وفعل الله ذلك).

وقال عز وجل في الحديث القدسي: إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله! أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل إستحيت منه أن أنصب له ميزان وأنشر له ديواناً.

وقال (ص): سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالغضب والبخل ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضة وهو يقدر عل المحبة وصبر على الذل وهو يقدر العز، أتاه ثواب خمسين صديقاً ممن صدق بي.

وقال (ص): ان الرجل ليكون له الدرجة عند الله تعالى لا يبلغها بعمل حتى يبتلي ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك.
وقال (ص): إذا أراد الله سبحانه وتعالى بعبد خيراً وأراد أن يصافيه، صب عليه البلاء صباً وثجه عليه ثجاً، فإذا دعاه قالت الملائكة صوت معروف وإذا دعاه ثانياً فقال يا رب، قال الله تعالى لبيك عبدي وسعديك إلا تسألني شيئاً إلا أعطيتك أو رفعت لك ما هو أفضل منه، فإذا كان يوم القيامة جيء بأهل الأعمال فوزنوا أعمالهم بالميزان، ثم يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان فيصب عليهم الأجر صباً كما كان يصب عليهم البلاء صباً، فيود أهل العافية في الدنيا لو أنهم كانت تقرض أجسادهم بالمقاريض لما يرون ما يذهب به أهل البلاء من الثواب الجزيل! فذلك قول الله تعالى: ( انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ).

وقال (ص): إذا رأيتم الرجل يعطيه الله ما يحب وهو مقيم على المعصية فاعلموا أن ذلك استدراج. ثم قرأ قوله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء).

والصبر بالإضافة إلى ما ورد فيه من الفضل الكثير في الآيات والأحاديث هو فضيلة تأتي بنتائج مدهشة في في الدنيا والآخرة.

وقد قسم العلماء الصبر إلى ثلاثة أقسام:

1- الصبر على الطاعة: كالصلاة والصيام والحج وإيتاء الزكاة والخمس وما شابه.

2- الصبر على المعصية: كأن يصبر نفسه على اقتراف المحرمات وأن يخرج ولا يعمل عملا ينافي الشرع المقدس.

3- الصبر على المصيبة: ومعناه أن يصبر الإنسان على المحن والمصائب التي يتعرض لها في الحياة الدنيا. إن الصبر والظفر صديقان من القدم، ففي اثر الصبر يأتي الظفر، حيث قال عز وجل: (ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور).

وهذا الأمور بالإضافة إلى ما لها من الثواب توجب خير الدنيا والسعادة فيها. فالصبر عند الغيض والمصيبة، يوجب مهابة الإنسان في النفس.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة. وجهنم محفوفة بالذات والشهوات، فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.

والصبر من أهم أسس النجاح في الدنيا والآخرة، فعلى الإنسان المسلم أن يهتم لتحصيل هذا الفضيلة أولاً ثم إنماؤها حتى يأتي بأحسن الثمار وأجمل الأثر والله الموفق وهو المستعان.

شاهد أيضاً

المفتي: دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهريا يقع منها واحد في الألف

عدد المشاهدات = 8960 أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يأتي إلى دار الإفتاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.