الخميس , 25 أبريل 2024

عادل عبدالستار يكتب: ماذا بعد التونة..؟

= 2757

قُدر لى أن أذهب مع أحدهم إلى أحد الاسواق ولاحظت إنه يشترى كميات كبيرة من التونة والصلصلة والتوابل والحلبة وما إلى ذلك ، فأندهشت لأنى أعلم إنه يعيش هنا وحده فى الغربة ، وهذا الاندهاش دفعنى لسؤاله لماذا كل تلك الكميات وانت تعيش بمفردك فى سكن مؤسسة العمل؟!!

وهنا كانت المفاجأة لأنه قال لى ( أنا اشترى هذا الاشياء لارسلها الى أسرتى فى مصر!!! ، فقلت له أترسل تونة وصلصة وحلبة الى مصر ولماذا فهناك كل شئ وأسرتك معها مصروفهم الشهرى فلماذ هذا العناء الذى لا فائدة منه؟

فقال لأن الأشياء هنا أفضل فى جودتها وكذا وكذا ولم أقتنع بما قال ، فربما أتقبل أن يرسل جهازا أو موبيل مثلا إنما يرسل طعام !!

ومن هنا جاءت فكرة المقال وعنوانه … فلقد ذهبت الى أستاذ طب نفسى لعلى أجد عنده تفسير لهذا السلوك والمفهوم ، والحقيقة إننى وجدت عنده ما يروى ظمأ عقلى، والتفسير كما يلى : هؤلاء ينقسمون الى ثلاث أنواع او نقول ثلاث مفاهيم:

1/ النوع الاول … يفعل هذا من منطلق التباهى لدرجة أن أحدهم قال لى أن زوجته تتعمد أن توزع على الجيران والأقارب ومغلفه هذا بجملة تلك الاشياء من الخارج!

وتلك النفوس هى نفوس غير سوية وتجد الشعور بالذات فيما تمتلكه على الرغم أن الاصل أن الاشياء هى التى يُضاف لها قيمة بذات الشخص ( قيمة الاشياء بمن يمتلكها وليس قيمة الشخص بما يمتلك ) فالحرامى يمتلك سيارة مثلا ولكن ما قيمتها وهو حرامى او مرتشى وهكذا .

2/ النوع الثانى … يفعل هذا حين يشعر بأن قيمته قد ذهبت من الاسرة ، فمع طول الغياب أصبحت الاسرة تعتمد على نفسها فى كل شئ ، وتأخذ قراراتها بنفسها ، حتى وإن رجعوا له يكون مجرد رجوع صورى لا قيمة له ( علشان هو بابا ميصحش ) وهنا يلجأ هذا النوع لمثل تلك الطرق لمجرد أن يُشعر نفسه بأنه مازال موجود  ( أنا بعت لكم كذا ، دى حاجات مش هاتعرفوا تجبوها من عندكم ، دى كذا وكذا) فى محاولة منه للفت إنتباههم إليه، ومن ثم يشعر بقيمته ويشعر بأنه أب، طبعا هذا يلازمه أرسال الكثير من المال والهدايا وما إلى ذلك ليغذى تلك النقطه داخله.

3/ النوع الثالث وهو الأخطر (وإن كانوا كلهم خطر) يفعل هذا لمجرد أن يُبرر لاستمراره فى الغربة – نوضح أكثر – هذا النوع بعد فترة من الوقت تعجبه الحياة فى الغربة كلاً لأسبابه .. فمنهم من يعجبه هذا لانه يعيش بعيدا عن مواجهة مشاكل البيت وتربية الأبناء وطبعاً كل يوم وهو يتحدث مع زوجته يُظهر نفسه وكأنه أحد أهم مستشارين التربية ( أنت المفروض كنت عملتى كذا ، إزاى الولد يتأخر خارج البيت ، إزاى الولد شرب سجاير وانت كنت فين ، طبعاً كل دا علشان أنا مش موجود إلخ إلخ ) كل هذا لانه يُنّظر فقط ولكن الحقيقة إنه هارب من كل هذا بحجة إنه فى الغربة ( رغم إنه إنتهى من أهدافه ولا يحتاج الغربة فى شئ ).

  وهناك من يستمر فى الغربة لمجرد أن يكون دون رقيب ، يخرج كما شاء ، ويتعرف على من يشاء ، ويسهر كما يشاء وهكذا … ثم تجده تزوج سواء زواجا مؤقتا او زواجا عاديا ويقول لك ( كى أعف نفسى ) وسؤالى له ومن يعف زوجتك هناك ؟!! هؤلاء وكى يبرروا لأنفسهم الاستمرار وكى تهدئ عندهم الأنا العُليا ( الضمير ) لابد وأن يفعل هذا لمجرد أن يُسكن نفسه ويُسكن ضميره ، وكآنه يقول للاخر أن أستمراره فى الغربة (رغم عدم الحاجة ) مازال هناك ما يبرره !! ( هى التونة والصلصة والحلبة مبرر لاستمرارك فى غربتك دون الحاجة لها ) لا شك أن هذه مجرد مبررات وهو حتى لا يُفكر هل هى منطقية أم لا ، المهم أن يجد مسكن لضميره ،وهو لا يعلم إنه كمن غرق بين الامواج وكلما زاد الوقت أخذته الامواج للعمق أكثر واقترب أكثر وأكثر من الغرق . ولكن السؤال الاهم : هل سيغرق وحده أم ستغرق أسرته كلها معه ؟؟
  حفظ الله أسرنا .. حفظ الله مصر .. أرضاً وشعباً وجيشاً وأزهراً
—————————
* ممرض بالطب النفسى

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 3099 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.