الجمعة , 19 أبريل 2024

ماذا بعد شهادة يعقوب…!؟

= 3562

بقلم: عادل عبدالستار العيلة

حين تخرجت من التمريض تم توزيع بعض خريجي الدفعة إلى مناطق نائية فى محافظات الصعيد، وبعد عدة شهور وجدنا أحد هؤلاء وقد ظهر عليه بعض مظاهر وفرة المال وحين سألناه قال إنه يعمل هناك فى ختان الذكور، وغيار الجروح، وعمل الغرز الجراحية، إلخ إلخ ، بل وصل به الحال للكشف على البهائم وعلاجها ، وأصبح مشهورا، لدرجة أن الأهالى حين تحتاجه كانت ترسل له من يحمل حقيبة أدواته ، وحين سألناه مرة اخرى كيف حدث هذا قال أن تلك القرية البسيطةه لم يكن فيها طبيب ولم يجد أهل القرية أمامهم غيرى ، ومن ثم أصبحت أنا الملاذ الوحيد لهم.

أيها السادة : تعمدت أن اذكر تلك القصةه فى بداية مقالى لأدلل على ما سوف أطرحه هنا فوق تلك السطور ، إن ما حدث ورأيناه جميعا فى شهادة الأستاذ يعقوب فى المحكمة، يجعلنا نتأمل فى تلك الظاهرة وهى سيطرة غير المتخصصين فى أمر غاية فى الأهمية والخطورة وهو أمر الدين.

وأقول : أن هذا ليس خطأ الرجل و فقط (وهو مخطئ ولاشك) ولكن المناخ العام هو من سمح له أن يكون بتلك الشهرة تماما مثل ما حدث مع زميلنا الممرض ، إن المخطئ الحقيقى هو الدولة التى أهملت الأزهر تماما لمدة ثلاث عقود ، وكانت نتيجة ذلك أن أحتل غير المتخصصين أماكن المتخصصين ، أستحلفكم بالله هل مهما وصل زميلنا الممرض من علم واجتهاد وخبرة هل سيصل فى النهاية لعلم الطبيب ومهارته؟ فما بالكم بالدين ، إن تهميش دور الأزهر نتج عنه كل تلك الكوارث التى نعانى منها الآن ، إن عدم توفير قنوات للأزهر جعل هؤلاء يحتلون الفضائيات ،بعد أن وجدوا من يصرف عليهم (سواء بحسن نية أو سوء نية).

وتعالوا نتذكر سوياً .. أليست أول قناة فضائية دينية تخرج على الناس كانت قناه لغير الأزهر ، كانت لهؤلاء ، ثم ظهرت الثانية والثالثة ، كل هذا حدث والدولة غائبة ومن ثم الأزهر غائب ، فكان من الطبيعى مع عدم وجود طبيب متخصص أن يلجئ الناس إلى حلاق الصحة فى الماضى ثم إلى الممرض حديثاً ، وهذا خطأ على أي حال ، لا أقول هذا دفاعاً عن هؤلاء فهم أخطأوا وحسابهم عن ربهم ، ولكن أقول أن الدولة كانت خطأها أكبر وأخطر ، الدولة دفعتنا دفعا للذهاب الى الداية رغم أن لديها عباقرة فى النساء والتوليد ، دفعتنا دفعا للذهاب الى المجبرتية رغم إنها تمتلك عباقرة فى العظام وهكذا.

أيها السادة … نتيجة فتاوى غير المتخصصين … وفهمهم المغلوط للنصوص أصبح المشهد فى العالم الإسلامى وكما أشار أستاذى أحمد المسلمانى إنه زادتْ أعداد الذبائح من الرجال والنساء أعدادَها من بهائِم الأنعَام. تتوالى مواكب الحزن والموت: تفجيرٌ يطيحُ بالأبرياء، ثم تفجيرٌ يطيحُ بالجنازات، ثم ثالثٌ يطيحُ بالسُّرادقات
مراحل متعددَّة للموت.. ومواكب نعوشٍ لا تنقطع !!

لو كان المحيطُ الهادى مصبًا لدموعِنَا.. لمَا كَفَى. يا إلهى.. كل هذا الدمَّار فى ديارِنا.. كل هذه الدماء من أجسَادِنا.. كل هؤلاء اليتامى فى بيوتِنا !!
وَحَدَنَا.. فى بحر الظلمات.. لا صاحبَ ولا رفيق.. لا معالمَ ولا طريق.. لا أحدَ يحزن لحزنِنا أوْ يأسَى لمُصابِنا.. لا هاتفَ جاءَنا للمواساة، ولا بطاقةً وصلتْ إلينا: نشاطركمُ الأحزان.

أيها السادة … سأقدم لكم الدليل على ما أقول: منذ ما يقرب من 4 سنوات أو يزيد تغير منهج قناة الناس الشهيرة وتغير القائمين عليها ، فأصبح الأزهر (ضمنياً) هو الذى يديرها وكل التقارير تقول أن نسبة المشاهده لم تقل بل زادت عن ما كانت عليه حين كان يسيطر عليها هؤلاء … حين تجد الناس الطبيب لن تذهب إلى حلاق الصحة، ومن هنا أقول أن على الدولة من الآن أن تضع هذا الأمر فى أولوياتها ، على الدولةه أن ترفع من شأن الأزهر وعلمائه ، على الدولة أن تفسح لهم الطريق ليصلوا إلى عقول شبابنا ، إن هؤلاء الذين إدعوا العلم فرغوا عقول شبابنا لتحقيق أهدافهم ، ولكن لا مجال الآن للبكاء على ما مضى … فلننظر إلى الغد ، علينا أن نؤمن أن الأزهر هو الملاذ الآمن لنا الآن.

حفظ الله مصر … أرضاً وشعباً وجيشاً وازهراً

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 3998 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.