الخميس , 18 أبريل 2024

قصة شعيب -عليه السلام-

= 2412

 

فى أرض “معان” من أطراف بلاد الشام كانت هناك مدينة كبيرة تسمى “مدين”، قريبة من بحيرة قوم لوط عليه السلام التي دمّرها الله سبحانه، وتقع في الأردن.

أرسل الله شعيبا عليه السلام إلى أهل مدين داعيا إياهم إلى توحيد الله وعبادته (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (هود:84) وكان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان ، ولا يعطون الناس حقهم ، كان أهل مدين لا يعطون الناس حقهم ويعتبرون بخس الناس أشياءهم نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء وداء فى الأخذ والعطاء ، ثم جاء نبيهم شعيب عليه السلام وأفهمهم أن هذه تعتبر سرقة وأنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط.

كان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل ويخيفون المارة ويعبدون الأيكة وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها ، وذكر المفسِّرون أن الأيكة شجرةٌ كبيرةٌ عظيمةٌ نسب إليها قوم أطلق عليهم أصحاب الأيكة.

وجاء ذكر أصحاب الآيكة في القرآن الكريم، في قوله تعالا في سورة الشعراء: “كذب أصحاب الأيكة المرسلين، إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين، فاتقوا الله واطيعون”.

وكانوا يقولون لشعيب إن صلاته توسوس له وتأمره فيطيع دون تردد ودون تفكير لقد تحول بسبب صلاته إلى آلة متحركة وأداة لا تعي. أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤناوبدأ قوم مدين التهكم والسخرية من سيدنا شعيب عليه السلام وعادوا يتساءلون بدهشة ساخرة ، تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل فى إرادتنا وطريقة تصرفنا في أموالنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية وبهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة الذكاء.

ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة: (أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء)، ويعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أي لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول.

قال شعيب: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ)، فأعرضوا عنه قائلين: (قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا) هود، إنه ضعيف بمقياسهم. ضعيف لأن الفقراء والمساكيهم فقط اتبعوه، أما علية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم. ويستمرون في تهديهم قائلين: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ(91)} هود، لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضربا بالحجارة.

تجاوز شعيب عن إساءتهم إليه، وسألهم: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ)؟، فاجتمع رؤساء قومه. ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد.. هددوه أولا بالقتل، وخيروه بين التشريد، والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات.. وأفهمهم شعيب أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها. لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف يعود إليها؟ وهو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد.. فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟. واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. وكذبوا نبيه، واتهموه بأنه مسحور وكاذب.

عندما طال تمادي قوم شعيب في الطغيان وإلحاق الأذى بالناس من تبخيس للمكيال والميزان، وعدم استجابتهم للدعوة أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.. وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى: { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (94) (هود}  أرسل الله عليهم العقاب، فقد سلط عليهم في يوم من الأيام عذابًا وسمي ذلك اليوم بيوم الظلة قال تعالى: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}،فكان ذلك بتسليط حر شديد وصل إلى بيوتهم، فخرجوا منها عندما رأوا سحابة ليستظلوا بها وتجمع القوم من تحتها، فأنزل عليهم نارًا لم تبق أحدًا منهم. وما هذا إلا مصير المشركين والمستهزئين بدين الله، ومن الجدير بالذكر أنْ شعيب لم يحزن على قومه لأنَّه قام بالرسالة على أتم وجه إلا أنّهم لم يستجيبوا قال تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ}.

 

 

شاهد أيضاً

المفتي: دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهريا يقع منها واحد في الألف

عدد المشاهدات = 5657 أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يأتي إلى دار الإفتاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.