الجمعة , 29 مارس 2024

”حكمة الشَعْر الأبيض”…قصة قصيرة تكتبها مي سامح

= 3841

هل أنا في مكانيّ الصحيح أم هناك مكان آخر ينتظرني؟!

سؤالٌ يتردد علي عقلي كل يوم دون اجابة
هل حلمت بوظيفةٍ تجد بها نفسك و تفني بها كيانك؟! تعود منها لمنزلِك فلا يجد جسدك مفرْ سوي أن يلتئم مع فراشه و ينسي كل آلم حَلْ به و كل آلم نفسي تعرض له !
هل حلمت بعائلةٍ تحتوي ما بداخلك من حُزنٍ و تعلم انه ليس بمقدورك التحدث، تأخذ الشارع سيراً علي الأقدام في ساعاتٍ طويله، تمضي في سُكون تتمني لو يُقابلك غريب في طريقك و تسرد له كل ما بداخلك ثم تتركه و ترحل..
تبحث عن أي خيط يجعل روح الطفل التي بداخلك تهتز و تأخذ حيزاً كبيراً من روح الناضج الذي يستحوذ علي جزءٍ كبيرٍ من جسدك.

لقد تركتهم يطفئوا نورك يا عزيزي و يفقدوك شغفك بالحياة كلما تأخذ خطوةً للأمام يقوموا برَميك كالحجارة من منجنيق أعلي الجبل، يُحطموك و تعود الكَرّه من جديد .. بذرةُ أمل و حقلٌ من اليأس لم تكن كذلك ابداً ماذا حدث لك؟!
إلي متي سوف تظل علي هذا الوضع و تعود لرُشدَك؟!

“كان مصدر الصوت خافت جاء من آخر الغرفة”

دققت في ملامح السيدة التي تتحدث لأجد اكثر شعر ابيض احببته في حياتي..

-جدتي؟!
– حفيديّ البكريّ لقد افتقدتك كثيراً، كنت اسمع حديثَك لنفسك قبل النوم و اري دموع رجائك و انت تُحدْث الله.

– اشتاقت عيني و روحي اليكِ يا جدتي ياليتكِ كنتِ معي ذهبت البركة و ذهب معكِ كل شئ يَسُرُني

– أنا لم اذهب يا بُني، أنا بجانبك دائماً.

تساقطت دموعي رغماً عني في حيرةٍ و اخذت عيني تنظر لها ثم تنظر في الأرض ثم جاوبتها في آلم..

– لا، انتِ ذهبتِ و تركتيني اُعاني نفسي..
– لم يخلقك الله لتُعاني كنت اري دائماً شيئاً مميز بك و ما زلت اراه..
– لم احقق شئ، إن احصينا انجازاتي سوف نجدها صفر.
– انجازك بالحياة ليس فقط متوقفاً علي العمل الذي لا تجد نفسك به و العالم المُزري الذي انفتحت عليه أو انخلاطك الذي لا جدوي منه سوي أنك الطرف الذي يسمع و يُعطي بلا مُقابل
انجازك في حُبك لمساعدة الآخرين، بذلك لمجهود في عملٍ لا تُحبه إلي أن تجد ما تحبه، ابتسامتك في وجه المارةِ في الشارع، عاطفتك التي تُنجيك من قسوة القلب التي يتمتع بها معظم البشر الآن، و فوق كل ذلك علاقتك ب ربك التي مهما قصرت بها تعود إليه نادماً، لا بأس إن كنت لا تعلم ما تريد و لكنك حتماً سوف تدرك ذلك مع الوقت
“إن اللهَ مع الصابرين” “الصبر مفتاحُ الفرج”

-لا استطيع يا جدتي، تخور قواي و اشعر انني لا استطيع أن استكمل الطريق و اتحمل كل مطباتهِ السخيفة
– إنك تشعر ولكن ليس معني ذلك انك سوف تسقط! تشبث بروحِك لأنها تستحق المحاولة.

وَضَعتْ يدها علي وجنتي و اخذتها بين اصابعها و قامت بالضغط عليهم مازحةً مثلما كانت تفعل دائماً و أنا طفل ف شرعت في الضحك و اقتربت منها لأحتضنها و لكنها كانت جزء من الهواء ف لم استطع ذلك، حينها ابتسمت في حنانٍ قائلة:
– لا تقلق يا عزيزي أنا بداخلُك، ستجدني حولك لأُذَكرك من انت حين تنسي .. انظر في المرآه و حِب ما تراه يا ولدي إنها ليست النهاية.

ثم تلاشت تدريجياً و تركتني وحيداً وَسط افكاري
وقفتُ امام المرآه لأجد وجنتي اصابها الاحمرار من آثارِ اصابعها فتحسست عليها بيدي في صدمةٍ ثم ابتسمت قائلاً:

رحم اللهُ روحاً كانت تدري ما بيّ دون أن اتحدث و تَعلَم نفسي اكثر من نفسي.

شاهد أيضاً

عندما يتوقف المطر … بقلم: مريم الشكيلية – سلطنة عُمان

عدد المشاهدات = 6634 عندما التقيتك أول مرة في ذاك اليوم الربيعي الهادئ على الجانب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.