الجمعة , 19 أبريل 2024

رفوف: “على وصفية” .. قصة عقدة طبقية لاتزال فصولها مستمرة!

= 3809

بقلم: د. نسرين مصطفى

توقفت عن قراءة قصص الحب وروايات العشق منذ زمن، وابتعدت تماما عن تلك النوعية من القراءات إلا أن رغبتى في قراءة لون مختلف، جذبنى لقصة “على وصفية قصة حب وحرب” غلاف الكتاب الذى يشعر الناظر أنه سيأخذه إلى عالم بعيد من السحر والعشق والغرام، كما أن الكاتب محمد توفيق هو أحد أسباب تطلعى إلى قراءة الرواية فقد قرأت من كتبه النحس وصناع البهجة وملك وكتابة والغباء السياسي.

قصة “على وصفية” مختلفة شكلا ومضمونًا عن كتب توفيق، فالكاتب نجح في تغيير جلدة، وجذب عقل وقلب القارئ، بل وجعل القارئ يتعاطف مع أطراف القصة، التي أعتبرت قضية رأى عام في ذلك الوقت، بل اعتبرها البعض قضية شائكة تخص العقيدة ونصرة الإسلام.

ورغم أن الرواية عاطفية إلا أنها تكشف عن جوانب عدة على رأسها الواقع الاجتماعى الذى كان يسمح للفتاة أن تتعلم إذا تربت في كنف أب متفتح، ورغم ذلك فلم يقبل زواجها من رجل رغمًا عن إرادية، فرغم الحرية إلا أن هناك خطوط حمراء تظهر فى تعنت الأب، وهى عقدة إجتماعية ونوع من أنواع المغالاة لا زالت حتى اليوم لم تحل، ولعل كلمات جريدة الوطن التي نشرت في 1904 تلخص مضمون حال القضية “أليس شرف الإنسان ما سعى وما عمل؟ أليس الانسان من حيث يوجد لا من حيث ولد، ومن حيث يثبت لا من حيث نبت؟”

الرواية تشير إلى أن الوضع الاجتماعي والطبقية آفة ستطارد المجتمع المصرى، وان اختلف المسمى ففى عصر على وصفية كان الحسب والنسب هما الفيصل في إتمام الزواج، ومن اللافت أن المستوى الثقافي والبلاغي للعاشقين كان عميقا، فيتحدث العاشقان بالتلميحات في براعة وبلاغة تجذبان القارئ وتجعله يتساءل إذا كانت التلميحات بتلك البلاغة فكيف عن التصريحات، فينتظر القارئ في لهفة خطاب على لصفية ورد صفية على خطاب على.

يؤكد توفيق من خلال سرده للأحداث أن الصحافة الصفراء هى شكل من الأشكال التي ولدت منذ نشأة الصحافة التى نسب إليها الشيخ على يوسف بطل الرواية، ويطرح قضية مهمة وهى نظرة المجتمع للصحافة الصفراء والصحافة الهادفة، وألقى الضوء على علاقة القصر بالصحافة، وألقي الضوء على حرية القضاء ونزاهة العدالة التي لم تكترث بالقصر وأعوانه.

نجح توفيق في تضفير الأحداث بين العاطفي والسياسي والاجتماعي والديني، فجعل منها قصة حب مرئية أثناء القراءة فأبعادها التاريخية والاجتماعية متشابكة، وأضفى لونا سياسيا على قصة الحب التي شغلت الرأى العام، وفسر غموض بعض الأحداث التاريخية الشائكة وعلى رأسها الخلاف بين بطل الرواية الشيخ على يوسف والزعيم مصطفى كامل وعلاقة كل منهما بالقصر.

شاهد أيضاً

الجمعة المقبل.. افتتاح جناح سلطنة عُمان في بينالي البندقية الدولي للفنون 2024

عدد المشاهدات = 3123 مسقط، وكالات: تشارك سلطنة عُمان يوم الجمعة القادم بجناح في الدورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.