حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
عندما تضيق عليك الدنيا وتخلو إلى نفسك وتتأمل كل ما تمر به نفسك من أفكار ومشاعر متضاربة وما يصاحبها من الدوافع والانفعالات وما تحمله نفسك من أعباء ثقيلة مرهقة لا تستطيع تحملها، وبعدها لا تجد أمامك سوى ان تلجأ تلقائياً إلى الصبر وإلى من يلهمها الصبر لتجد مخرجاً للخلاص لما تعانيه من الضيق !
وهو القوة التى تلجأ اليها النفس متوكلة على الله لتنال الاطمئنان والسكينة والراحة
قول الإمام علي كرم الله وجهه
( خذوا الصبر مع الإيمان فإن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد ، فكما انه لا خير فى جسد لا رأس له ،فلا خير فى إيمان لا صبر معه)
فالإيمان هو الذى يعين على الصبر ويعصم النفس البشرية من الوقوع فى كثير من الذنوب
قوله عز وجل
(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)سورة التوبة ٧٨
إن بعض الأسرار التى يكشفها الله للأنبياء أو لبعض عباده الصالحين فتكون لحكمة إلهية ومنها تبقى أمور غيبية فى أحيان اخرى ،
وربنا منح الإنسان ادراكه ونضوجه الفكرى وطاقاته وقدراته وألزم الإنسان ان ينميها ويطورها حتى يقدر يتعايش مع الحياة وتبقى مشيئة الله تعالى هى التى تسير الإنسان وتقوده ، ومنحه العقل والتدبر لكى تهتدى نفسه إلى أسرار وحقائق نفسه وجعله يكتشف كل ما بها ،
ولو تأملنا فى القرآن الكريم لوجدنا ان كل شئ من خلق الله تعالى
قوله عز وجل
(مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) سورة الانعام٣٨
فالله أعتنى بالنفس والإنسان فى كتابه وأكرم الإنسان بخلقه وعليه الاعتراف بفضائل الله تعالى وشكره عليها وعلى نعمه التى كرمه الله بها
قوله عز وجل
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )سورة فصلت ٥٤
فعندما ضل عقله وأظلمت النفس وتاهت عن الحقائق غابت عنه مفاهيم نفسه وترك الدليل القاطع والواضح وأتجه بعقله إلى مفاهيم ضل بها طريقه ؛ لذلك فعلينا ان نعلم ان النفس مليئة بالأسرار التى تجعلك تعيش فيها وكأنك فى رحلة وهبك الله الأستمتاع بالتنقل داخلها من حال إلى حال والتأمل والتفكير الذى يوجهنا إلى أكتشاف حقيقة الواقع ،
فإذا فكرنا فى شئ من الأشياء التى تحيط بنا أو فى أمر من الأمور فيجب ان يطابق فكرنا الواقع ليشكل حقيقة ؛ وإذا جاء متناقض للواقع فإنه يكون وهماً وباطلاً.
فالواقع والحقيقة هما آثار الله التى تدل على وجوده وهى التى تجعلنا ندرك حقيقة وجوده التى تدلنا على حقيقة أنفسنا …
قوله عز وجل
(وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) سورة الذاريات ٢١
ولكن ليست كل الحقائق ندركها فهناك أشياء نجهل معرفتها رغم أننا ندرك وجودها ونؤمن بحقيقتها ولكن الله جعلها غيبيه وحجب علمها عنا حتى يجعلنا فى حال دائمة للبحث عن ذاتنا وما بداخل أنفسنا ؛ فإذا تعبت أنفسنا فى رحلتها وعادت إلى الضلال وغيرت من سلوكها جعلها تعود لتبحث عن نفسها مرة أخرى وتغير ما بها
قوله عز وجل
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
سورة الرعد ١١
الرحلة داخل النفس مليئة بالأسرار والنفس ليست على حال واحد ؛ وإن ضل الإنسان طريقه أو أضله غيره فإن أبواب رحمة الله مفتوحة امامه كى يعود إلى نفسه ..
فالإيمان بحقيقة وجود الله هو خير عون لنا فالله لا حول ولا قوة لأحد إلا به ولا ملجأ منه إلا إليه
فإذا عرفت من آيات الله آيات نفسك فستهدى إليها
قوله عز وجل
(فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) سورة النمل ٩٢
فمعظم البشر يضلون الطريق وينشغلون بمتاعب السير عن جمال الرحلة وحلاوة الوصول ؛
فسر النفس فى الرحلة وجمال الرحلة فى أستمرارها رغم عناء وشقاء البحث فيها وعنها ؛
فالنفس آفاق ووديان ولعلى جهلت معرفة نفسى والسر كله عند الله .
أدعو معايا …
اللهم لا تجعلني أطرقُ بابًا ليس لي، ولا تجعلني أحاول فتح قُفلًا لا أملك لهُ مُفتاح، ولا تسمح لحُبًا ناقصًا أن يدخُل قلبي، ولا تُعلّق روحي بما ليس لها، وأرضني بأجمل مما أتمنى وأُريد، وارزقني بأمانٍ وسلامٍ من عندك ليس لهُ حد، ولا تجعلني بحاجة أحدٍ سواك يا رحمٰن…
“يارب غيّر أقداري إلى ما أتمنى، واجعلها للأفضل وخذ معك ذنبي، همي، تعبي، وأرني الجمال في ما تبقى لي من عمري، اللهُم حين تواجهنا الحياة بما لا نحب، حبّب إلينا ما اخترت لنا وعلمنا الرضى، اللهمّ لا هزيمة في منتصف الأشياء، اللهمّ بلغنا تمامها أو انزعها من قلوبنا.
