الجمعة , 19 أبريل 2024

د إلهام الدسوقي تكتب: مش هتغير..!

= 1992

أنا أيوب الطالب الذي لا يعرف عن المدرسة إلا أنها مكان العلم لا الاسفاف، مكان الأمن لا الخوف، مكان التفاؤل لا التشاؤم لم اكن اتصور أن أكون في يوم من الأيام تسلية الجميع فهذا يضرب وهذا يشتم وهذا يطلق النكات علي واستمر حالي هكذا إلي أن طرقت أبواب عقلي فكرة وهي الانتفاض والرفض لهم ولمل ما يفعلوه معي وقد كان.

فغضبت بشده واستخدمت كل ما اوتيت من صوت جهوري وقوة بدن للوقوف أمام الجميع. وبالفعل وجدت الجميع يتجنب ايذائي بل بالعكس طالب الجميع صداقتي والتقرب مني والخروج معي بعد المدرسة وكأنه لا يصلح للصداقة إلا الاقوياء متردي الاسلوب.

فاستمر حالي هكذا حتي وصل غضبي وطبعي مع الزملاء إلي المنزل وبدأ الجميع بالشكوي من أخلاقي التي لا تطاق واسلوبي الذي لا يحتمل وكيف أنني تغيرت إلي الاسوأ في فترة قصيرة بعد أن كنت انا الهادئ المؤدب المجتهد في نظر الجميع.

للمرة الثانية طرقت أبواب عقلي الفكرة بأنه يجب أن لا أتغير من أجل أحد وخاصة مع احساسي باقتراب مرحلة الخطأ الفادح بعد أن عرض علي أحد الزملاء سيجارة بدعوي الرجولة والتمكن وأدركت أن الرجولة لا تتمثل في سيجارة أو فهلوة أو اسلوب فظ وأنه انا من يجب أن يسعي الجميع اليه لعلمه لا لسيجارته، لشخصه لا لحركاته.

فكان التحول الثاني بالرفض لهذه الحياة وهذا الاسلوب وهذه الشخصيات المشوهة والعودة إلي طبيعتي الهادئة التي اتاحت لي معرفة نوعية من الأصدقاء المشابهة في الشخصية والأمال والتي كانت سبب في رفع قدراتي وتقدمي وكانت فكرتي بعدم إرضاء الأخرين وأن أكون نفسي بكل ما تعني أساس وصولي إلي بر الأمان.

أعلم أن الكل قد تعلم وانهي الجامعة واعتمد علي نفسه وبدأ مشوار العمل لكن ليس الجميع من أصقل عقله بالأفكار النافعة والتفكير الواعي المستنير والحكمة في التعامل مع الأمور والتوازن بين العقل والقوة والعاطفة، اعلم أن الجميع قد اصبحوا رجال ولكن ليس كل الرجال متشابهة فمنهم من يسلك في حياته كالنسر يصبو إلي الأعلي ومنهم من يسلك كالفأر يختبئ في جحور مظلمة. وكم انا فخور بنفسي بعد معاناه شديدة مع زملائي.

لم أكن اتوقع في يوم أن تجمعني بهم التكنولوجيا ونصبح أصدقاء افتراضيين ولكني سعيد بالنظر والتأمل في الماضي لاجد الحكمة من الثبات والاستمرار علي الموقف والظهور بما ترضاه أنفسنا وليس ما يرضاه الغير.

أنا أيوب الذي نجا من مصيدة التنمر والتي لا أظن أن كثير من الأطفال الصغار يستطيع الفلات منها دون مساعدة أو الدخول في مرحلة الإكتئاب والعزلة النفسية التي تأكل كل ما تبقي له من الفرحة والسعادة وتستبدلها بالذل والهوان، مع عجز كامل من المعلمين وأولياء الامور عن التدخل في الأمر فهو كشأن داخلي في مجموعات الأصدقاء اذا طلب خلاله أحد ما تدخل معلم أو ولي امر اعتبره الجميع ضعف ومدعاه لزيادة جرعة الألم والمعاناة والعناد.

لقد نجوت باعجوبة متسائلا هل هناك مخرج للضعفاء من هذه اللعبة القذرة التي تمارس يوميا دون أن يلحظها الجميع إلا النفس الحائرة المرتعشة التي لا تدرك ما العمل ولمن يكون الملاذ والنجاة.

عن أحد المتفوقين الناجين من فخ التنمر والعنف أتحدث ولكم الله يا أبنائي……..!
—————————-
* خبير السلوك المهني.

شاهد أيضاً

رياح الخماسين.. مركز المناخ: انخفاض الحرارة من اليوم لمنتصف الأسبوع القادم

عدد المشاهدات = 1059    قال الدكتور محمد على فهيم رئيس مركز معلومات المناخ بوزارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.