الجمعة , 29 مارس 2024

عادل عبد الستار يكتب: و رحل أبي..!

= 2128

نقطة تحول كبيرة في حياة كل إنسان مات والده
نقطة تحول حقيقية حيث تنتهي مرحلة مشرقة من حياتنا فيها من الطمأنينة والسكينة الشيء الكثير لتبدأ مرحلة من الضياع والغربة بكل مفرداتها!! و من اول لحظة من يوم الرحيل ذلك اليوم الذي تنزل فيه مصيبة الموت في أقرب الناس لنا وأولاهم بالبر.
و مهما كنا كباراً فإحساسنا بآبائنا يبقى طفوليا في أعماقنا لا يكبر مهما كبرنا ولا يضعف وهجه بمرور الأيام وعندما نفقدهم نصبح مثل قافلة تاهت في صحراء قاحلة بعدما فقدت قائدها ودليلها

ثم انه لا فرق بين يوم أو شهر.. عام أو أعوام.. تساوت الأزمنة لمن فقد والده وعلى إيقاع ألم مشترك هو الحنين للأب … وكأننا عندما رحل لم نراه منذ زمن بعيد!! تتفطر قلوبنا.. وتذوب أفئدتنا.. من هول المصاب.. وتتلون كل فصول الحياة بلون واحد هو الحزن.. ولا شيء غيره

كنت أعلم أنه سيأتى هذا اليوم .. فالموت هو أقرب غائب ننتظره .. ولكنى كنت لا أعلم إنه سيكون بتلك القسوة على نفسى … و لن اخفى أننى كنت اعتقد أن موت أبى ربما سيكون أقل ألماً مما شعرت به حين ماتت امى … ولكن علمت الان أن وفاة الاب لها جلالها ففقدان الأب وبكل المقاييس ليس امراً هيناً
فلقد ايقنت الان أن تفقد ( أباك ) معناه أنك تخسر الجدار الذي تستند إليه ويجعلك في مهب الريح

أن تفقد ( أباك ) معناه أن تفقد المظلة التي تحميك من الشرور وتجعلك وحيداً في مواجهة هذا العالم..
أن تفقد ( أباك ) معناه أن تحس بمعنى الوحدة ، فقد فقدت من يمد يده ليساعدك ، ولو مدت لك ألف يدٍ
فإنها لا تغنى عن يد والدك المليئة بدفء وحنان الأبوة ..
أن تفقد ( أباك ) معناه الألم الدائم.. والحزن العميق..
إحساس لم يعرفه إلا من جربه و عاشه بمقتضى الحال والمآل ..

واخيراً اقول … انه دائما عندما كانت تزاحمنى الافكار ووجل منها فكري وغار … و عندما كان يزورنى الحزن و يدعونى إلى دنياه
و عندما كان يديق صدري بالهموم و اتوه في غياهيب أحزاني و عندما كنت احتاج إلى وطنٍ يحميني وصدرٍ يأويني كنت دائما انادى أبى

مهما حاولت أن اطوع قلمى ليكتب فلن يصف عظم حق الأب ومصيبة فقده… و رسالتى للجميع أن يسارع كل إنسان كبيرا كان أو صغيرا كي يلزم والده ويقدم له كل أنواع البر والمعروف لأنه باب من أبواب الجنة مفتوح لكل إنسان في هذه الدنيا يغلق بموته.

و لا اجد الان الا أن اقول ما قاله الشاعر محمد أبو العلا فى بعض ابياته … وَدَاعاً أبي … وَدَاعاً فللمَوْتِ جُرْحٌ عَمِيقٌ، وَدَاعاً فللمَوْتِ ظُفْرٌ وَنَابْ…ودَاعاً أبى وَلْتَنلْ حَيْثُ تَرْقَى رَفيعَ الجِنانِ وحُسْنَ المَآبْ
ادعو الله أن يغفر لوالدى و يرحمه و يعفو عنه ويسكنه فسيح جناته و كل موتى المسلمين
حفظ الله مصر … ارضاً و شعباً و جيشاً و ازهراً.
———————-
* ممرض بالطب النفسي.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 7138 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.