الأربعاء , 24 أبريل 2024

أيها الأب ألم تشعر بالوجع؟!

= 3033

بقلم: عادل عبد الستار العيلة

رأيتها طفلة صغيرة في العاشرة من عمرها، حين تراها تشعر وكآنها ملاك، ولكني لم أراها هنا من قبل في هذا البيت وحين سألت من تلك الطفلة أخبرونى إنها تعيش هنا مع خالتها فلانه فأبيها وأمها قد انفصلوا، وقد تزوجت الأم وتزوج الأب ولم يعد لتلك المسكينة أحد، ولان خالتها أرملة أخذتها تعيش في أبنائها، وظلوا يُخبرونى عن مدى حنان خالتها عليها، ودفئ معاملتها لها، لدرجة أن تلك السيدة من الصعب جداً أن يشاهدها أحد إلا وتلك الطفلة معها مُبتسمة فرحة، ولكن ما استوقفنا في كل تلك القصة جملة واحدة قالتها السيدة بنفسها في إحدى المُناسبات وهي (أن تلك الطفلة ورغم مرور 6 سنوات كاملة على وجودها معها إلا أنها لم تأتى يوماً وقالت لها (أنا جعانه يا خالتوا كما يفعل كل الأطفال، ومن هنا جاءت فكرة المقال وعنوانه وأقول:

أيها السادة… فعلى الرغم من حنان خالة الطفلة الذي شهد به الجميع، واحتوائها لها، إلا أن الطفلة ورغم صغر سنها تشعر من داخلها إنها ليست في بيتها على الرغم إنها جاءت إلى هذا البيت وهي في سن الرابعة فقط، ولكن تظل تشعر بالغربة في هذا البيت الذي منحها الدفء والحنان والأمان والاحتواء، وعلي الرغم من أن تلك الطفلة كانت محظوظة أكثر بكثير من أقربائها لنفس الظروف إلا إنها تتألم أيضاً، فما بالكم لو أن تلك الطفلة تعيش مع زوجة أبيها فتعنفها أو تمنع عنها الطعام أو تجعلها خادمة لها، كما نرى ونسمع كل يوم من تلك القصص المؤلمة.

أيها السادة… مقالي هذا هو رسالة لكل أب وأم… أعلموا بأنكم تلقوا بأبنائكم في طريق من يمشي فيه يمشي بين الأشواك، وقد نُثر في طريقهم الألغام وعناقيد لهب موقوتة تنتظر الدهس لتنفجر، وبالحمم الحارقة تنهمر، وكيف لا فمن يده في حرارة الزيت ليس كمن جلس في أمان البيت، لن أحدثكم هنا عن الطلاق الناجح فلقد وضحته سابقاً في مقال طويل يستطيع القارئ الكريم الرجوع إليه في جوجل، ولكن هنا أخاطب عقل ووجدان كل أب وأم رأوا أن الطلاق ربما كان منقذهم مما هم فيه، مريح لهم هم، أقول لهم:

أنتم فكرتم فقط في أنفسكم، أنتم فكرتم فقط في كرامتكم، في سعادتكم، في أهوائكم، في شهواتكم، ولم تفكروا في أطفالكم.. ألم تتألم الآن أيها الأب وأنا أخبرك أن أبنتك ومنذ 6 سنوات لم تقول لخالتها مرة واحدة (أنا جعانه وهل يُعقل أن لا يجوع الطفل!! ولكن منعها شعورها بالغربة التي وضعتها أنت فيها بأنانيتك وتسرعك، لن أخاطب الام هنا كثيراً فربما كانت هي الأخرى مغلوبة على أمرها، فالطلاق بيدك أنت أيها الزوج، ألم تفكر للحظة قبل الطلاق ماذا عن أبنائك، ماذا عن مشاعرهم، هل فكرت للحظة كيف لك أن تصلح ذات البين بينك وبين زوجتك، هل فكرت أن تتحمل قليلاً من أجل هؤلاء الصغار، هل فكرت للحظة أن تتعلم المهارات الزوجية لتساعدك على إدارة الحياة الزوجية بشكل أفضل وأسهل، اتصلت أم بابنها وقالت له أبنائك بجواري هل تريد أن تتحدث إليهم، فقال لها، ليس الآن لان زوجتي الجديدة بجواري!! رأيتم وفي غمضة عين أصبحت مشاعر زوجته أهم عنده من مشاعر أبنائه، هل جاء كل هذا في خاطركم وأنتم تسعون إلى الطلاق.

ورسالتي إلى الزوجة… نعم قلت إنه ربما تكوني مغلوبة على أمرك في أمر الطلاق، ولكن رسالتي لك إنه عليك أن تتحملى من أجل هؤلاء، فهم يستحقون التضحية.

قالت لي إحدى السيدات وأنا أنصحها أن تتحمل من أجل أبنائها، قالت (وأين أنا) وأقول لها وللجميع أبنائك هم أنت هم حياتك هم مستقبلك هم فرحتك وابتسامتك، فلا تخدعك تلك العبارات التي تسمعيها من هنا وهناك، فلقد تحمل النبي محمد كل ما تحمله من أجل أمته وكان سهل أن يقول أنا ابن سيد قريش (ابن رئيس دولة بلفظ اليوم) لما أتحمل كل هذا، لماذا اربط على بطني حجرين من شدة الجوع في حفر الخندق حول المدينة، لماذا لم يقول وأين أنا، وأقول لك سيدتي تحملي من أجل أبنائك وتعلمى المهارات الزوجية التي تساعدك على هذا.

ثم أقول لكم أيضا… هل حين وجدتم إنه لا سبيل الا الطلاق هل جعلتوه طلاق ناجح، فربما كنت زوج فاشل فلماذا لم تسعى أن تصبح أب ناجح، وربما كنت زوجة فاشلة هل سعيت أن تكوني أم ناجحة… ألم تتألموا من شعور أبنتكم.. 6 سنوات لم تقول مرة واحدة (أنا جعانة كم من المرات مرت عليها وهي جائعة ويمنعها شعورها أن تعلن عن هذا، كم مرة أعتصر الجوع معدتها ويمنعها الحرج أن تعلن عن ذلك.

أيها الأب وايتها الام ألم تتألموا لهذا؟!!… يا قوم مالكم كيف تحكمون؟!!

حفظ الله أبنائنا وبيوتنا… حفظ الله مصر… أرضاً وشعباً وجيشاً وَأَزْهَرَا

—————–
* مدرب معتمد للاستشارات الأسرية والزوجية

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 2341 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.