الجمعة , 26 أبريل 2024

صندوق الذكريات!

= 1758

Magdy El Shazly (2)


أكثر ما يواجه الإنسان من معوقات تكبل حاضره وتهدد مستقبله، أن يغوص في بحر عميق من الحوادث والأفكار التي مر بها في حياته، ويظل محتفظا بها في خزانة ذكرياته، فتجده يعيش تحت رحمة ماضيه، ليفقد بوصلة الحياة بين دهاليزه، وتسيطر عليه فكرة أن هذا العالم لا يقدر ما حققه من إنجازات، ولا يوفيه حقه جراء بطولات واهية سرعان ما ذهب أثرها وأصبحت في ذمة التاريخ.

إنني أرى أشخاصا غيبوا أنفسهم عن الحاضر بإرادتهم، وهؤلاء لا يستطيعون التقدم خطوة واحدة للأمام لأنهم يظنون أن ما فعلوه في الماضي لن يتكرر، وأن عليهم العيش على ذكريات الماضي، فلا ترى أو تسمع منهم إلا حكايات وحكايات يكررونها عليك دون كلل.

وأذكر انني سمعت تفسيرا أدهشني للداعية الراحل محمد متولي الشعراوي، حين قرأ من القرآن الكريم هذه الآية: "ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين".

فقال الشيخ الراحل أن معنى "من خلفهم" هنا هو الزمن الماضي، وليس خلفهم بمعنى المكان أو الاتجاه، بمعنى أن الشيطان يظل يذكر الإنسان دائما بأحداث ومواقف مرت في حياته لينغص عليه حاضره..ويهدد مستقبله..وهذه حقيقة نعيشها ونلمسها في كل يوم!

فكثيرا ما تسببت هذه الذكريات سواء كانت جيدة أو سيئة في إفساد حياة البشر، حين يفكرون فيما فعلوه في الزمن الماضي، بل أن الشيطان قد يفسد العلاقة بين المرء ونفسه..حين يوسوس له أنه لم يتخذ القرار المناسب في مواقف كثيرة مرت في حياته، فيظل يجلد ذاته على ما فعله في تلك المواقف والأحداث التي مضت وانتهى أثرها قبل سنوات.

 إن حاضرنا سيكون أجمل لو فتحنا نوافذ حياتنا لاستقبال الهواء النظيف المتجدد، ليجدد طاقتنا، ويبعث في نفوسنا الأمل..ولا شك أن مستقبلنا سيكون أكثر إشراقا لو تخلصنا من صندوق الذكريات الأليمة، ووضعناه في سلة مهملات حياتنا، ثم أفرغنا محتوياتها، فلا تقوم لها قائمة للأبد.

مجدي الشاذلي

شاهد أيضاً

كابتن الخطيب .. عفوا

عدد المشاهدات = 19149 عزيزي الكابتن محمود الخطيب.. هذه رسالة من مشجع زملكاوي كثيرا ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.