الخميس , 18 أبريل 2024

عبدالرزّاق الربيعي يكتب: مواكب الفرح في “ماراثون” العيد

= 1587

 

razaq(1)
 
في بعض الأحيان، يكون اليوم الذي يسبق مناسبة ما، أكثر حيويّة من يوم المناسبة، بسبب التحضيرات الكثيرة، التي تشبه استعداداتنا لاستقبال ضيف عزيز، طال غيابه، وحين نعلم بوصول عودته نمضي  ساعات، وساعات  في التحضير لفرحة وصوله، وتهيئة المناخ المناسب بما يليق به، وكلّما كان ذلك الضيف عزيزا كانت التحضيرات أكبر، فكيف يكون الحال، لوكان ذلك الضيف هو فرحة كبرى ينتظرها الجميع، صغارا، وكبارا، نساء، ورجالا، تزرع البسمة على الوجوه، والطمأنينة في القلوب، وأعني: فرحة العيد ؟

في طفولتنا، كان اليوم الذي يسبق العيد عيدا حقيقيّا، بكلّ ما في العيد من حيويّة، ونشاط، لانشغال الجميع بالتجهيز لهذه الفرحة بما يليق بها من تجهيز ثياب العيد، وكنّا نسخر من الذين يرتدون الملابس المخصّصة للعيد في ذلك اليوم، إلّا للتأكّد من قياساتها على أجسادنا الصغيرة، والنحيفة، شرط أن يكون ذلك داخل البيت بحيث لا يراه  الأخرون قد ارتداها قبل الصباح، ويكون شغلنا الشاغل ، في ذلك اليوم ،هو التثبّت من الأماكن المخصّصة للألعاب، والأراجيح، و"دولاب الهواء"،  وكانت النسوة ينشغلن بإعداد أطباق كعك العيد الذي يسمّى محليّا "المعمول"، أو" الكليجة"، المصنوعة من الدقيق، والسمن البلدي، المحشاة بالتمر، والمكسّرات، والسمسم، وحملها إلى الأفران، والعودة بها حارّة تسبقها رائحة الهيل، والمطيّبات التي تدخل في إعدادها معلنة أن العيد يطرق الأبواب، وخلال ذلك ينتظم الأطفال في مجموعات، تردّد:

 

"باكر عيد ونعيّد
ناكل مرقة سعيّد
سعيّد قرابتنا
نذبح له دجاجتنا
…..الخ "

بينما ينشغل الرجال باحضار الأضاحي، وتهيئة غرفة الضيوف لاستقبال المهنئين، ولوازم الموائد، وتنشغل النساء بوضع الحنّاء في أيديهنّ، وشعورهنّ، وتجهيز الحلي المعدّة لارتدائها في العيد، ويستمرّ هذا الحال إلى وقت متأخّر من المساء، وتكون فواصل برامج الإذاعة، والتلفزيون محشوّة بمقطع من أغنية " أم كلثوم" " الليلة عيد" ، أو " ياليلة العيد":

 

يا ليلة العيد  آنستينا
وجدّدت الأمل فينا
هلالك هل لعينينا
فرحنا له وغنينا
وقلنا السعد حيجينا
على قدومك ياليلة العيد"
 
ويعدّ التلفزيون برامج خاصّة في العيد يغلب عليها الطابع الترفيهي، والمسابقات ،والأغاني الخفيفة، والأفلام الجديدة التي لم يسبق له عرضها، وخلال ذلك يبثّ إعلانات دور العرض السينمائيّة عمّا أعدّته من أفلام خاصّة بمناسبة  العيد، وغالبا ما يغلب عليها الجانب الكوميدي، والتشويق، وأفلام الحركة، والمطاردات، فيما يحيي المطربون حفلاتهم في  المسارح، والنوادي .

ورغم تعب اليوم الذي يسبق العيد، والسهر، إلّا أنّنا اعتدنا أن نرى الجميع  ينهض باكرا صباح اليوم التالي : صباح  العيد، لارتداء الملابس الجديدة ، ومرافقة الآباء لأداء صلاة العيد، ومواصلة الجري في مواكب الفرح بـ"ماراثون" العيد.   
 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 2831 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.