أحزنني رحيل عالم ومفكر اقتصادي فذ أثري حياتنا طوال أكثر من نصف قرن من الزمان، وهو الدكتور محمود عبد الفضيل صاحب الكتاب الأشهر »رأسمالية المحاسيب»، الذي رصد تفاوت الدخل والإنفاق بين المصريين من قمة الثراء الي قاع الفقر، وكشف توسع المجموعات الاحتكارية الكبري منذ حقبة التسعينات في احتكار صناعات بعينها، وعلاقة المال بالسلطة وكيف أثرت علي بنية الاقتصاد، والذي تنبأ بأن يحدث انهيار للطبقة الوسطي في مصر، وهي العمود الفقري لأي مجتمع،بسبب »الرأسمالية الجديدة» التي أدت ممارساتها الي عجز الموازنة وإرتفاع تكلفة الخدمات وزيادة التفاوت الاجتماعي، وما صنعه من توتر سياسي واجتماعي ندفع فاتورته الآن.
وبقدر الحزن علي فقدان هذه القيمة الفكرية والاقتصادية فإن الحزن الأكبر علي عدم الانتباه لكل أجراس الخطر التي أطلقها هذا المفكر الاقتصادي في كتبه ومقالاته العديدة، والتي حلل أسبابها ودقق أرقامها ببراعة ولم تأخذ بها حكومة واحدة من حكوماتنا الرشيدة الآن أو فيما مضي! لذلك أدعو الحكومة الحالية لإعادة قراءة ماكتبه دكتور محمود عبد الفضيل من باب الثقافة والتعلم لعلها تفلح فيما عجزت عنه حكومات سبقتها، ولتحاسب نفسها قبل أن يحاسبها الناس.
أما البرلمان الموقر الذي يشن حملاته علي الصحافة، ويتفضل نوابه المحترمون بالتلفظ بألفاظ لا تليق ببرلمان عريق له سمعته وتاريخه المشهود، اعتراضا علي مقال أو خبر، فإني أرجوه أن يحاسب نفسه أولا علي مايعانيه أغلب الشعب المصري من أزمات، فهو الرقيب الأول علي الحكومة، وهو رقيب لم يستخدم أدواته في الرقابة حتي الآن.
ومازالت قوانين الاستثمار والإدارة المحلية والعدالة الانتقالية والعلاقة بين المالك والمستأجر في حوزته دون أن نعرف متي تصدر، وبالطبع قوانين الصحافة المغضوب عليها، وأدعوه أن يهتم بإنجاز فاعل لمواجهة جنون ارتفاع الأسعار وفوضي مخالفات البناء ومشكلات الصحة والفقر، لأن إنجاز هذا هو الدفاع الذي يليق بكم عن أداء البرلمان وسمعته وتاريخه.
———-
hebaomar55@gmail.com