الأحد , 28 أبريل 2024

لا تجعل الوقت شماعة..!

= 900

بقلم : عائشة الجناحي


جاء أحدهم إلى المقهى الذي اعتاد زيارته بشكل يومي فهو يحب أن يرتشف قهوته المرة في مكان هادئ بعد عمل شاق بعيداً عن الضوضاء، ولم يكن في حسبانه أن من سيقدم له القهوة في ذلك اليوم هي نادلة صغيرة السن. فتذكر إحدى قصص الناجحات التي لم تشتكِ من ضيق الوقت رغم ظرفها القاسي.

حملت هذه الفتاة وهي في سن صغيرة حيث تولّت مسؤولية حضانة وتوعية طفلتيها التوأم وهي لم تكمل بعد حصّتها من التوعية والحضانة اللازمتين لتكوين أمّ متكاملة تفي باحتياجات طفلتيها من رعاية وتربية وتنشئة. ولأن الأب هجرهما منذ ولادتهما تهرباً من المسؤولية، فتخلى والدهما عن الجانب المادي بعدم تقديم المساعدة، أصبحت هي المعيل الوحيد لعائلتها الصغيرة،

ولكنها لم تتهاون لحظة في بذل أقصى الجهود لتربي بناتها على أتم وجه ولم تسمح لدائرة الخدمات الاجتماعية بسحب حضانة الأطفال لأنه لم يثبت أن هناك قصوراً بشأن تربيتهم. اختارت أن تكافح في تربية بناتها وجعلتهم أولوية.

كانت تظهر لمن حولها سعادتها وراحتها النفسية حتى لا يبثوا السلبية في نفسها فيمتصوا طاقتها الإيجابية التي تساعدها على الاستمرار. كانت تأخذ بناتها في مقر عملها كمربية للأطفال لبعض الأسر وكنادلة في أحد المطاعم وكمعلمة أطفال، كانت تستغل الفرص لتربي أطفالها وترعاهم حتى التحقت بالجامعة وتخرجت منها.

اليوم أصبحت من كانت يوماً مشردة في نظر الكثيرين من أبرز وأفضل النساء الناجحات التي لم تسمح لأي أحد بأن يقتلع ويحطم بداخلها رغبة الاستمرار والوصول إلى حديقة النجاح في العمل والتربية. سألها أحدهم في حفل التكريم، كيف حصلت على الوقت لتكوني أبرز امرأة ناجحة في المجال الوظيفي وأماً مثالية؟ فترد عليه بابتسامة «لأنها كانت بالنسبة لي أولوية».

إحدى أكثر العبارات والمبررات التي نسمعها كل يوم هي «ليس لدي وقت» ومن المؤسف أننا قد نكون مذنبين في استخدام هذه العبارة وكأن البعض اعتاد أن يرددها. لقد حان الوقت لإزالة هذه العبارة من قاموس حياتنا فالانشغال ليس حقيقياً فأحدهم يستخدمها كذريعة عندما يريدون التهرب من مواقف معينة، فإذا كنت ترغب في أن ترى شخصاً ستجد له الوقت مهما كلفك الأمر.

المماطلة قاعدة أخرى يستخدمها البعض كمن يقول «ليس لدي الوقت اليوم سأفعل ذلك لاحقاً» فتمر الأسابيع والأشهر ولم ينجز هذا العمل فالمماطلة هي أكبر عدو للوقت ومدمر لأجمل اللحظات، لذا يجب التخلص من هذه العادة. لا مانع من تفضيل الأولويات وفعل ما تراه مناسباً ولكن اجعل الآخرين في حلقة الأسباب وبذلك ستنجح في كسب احترامهم.

الحياة المزدحمة ليست حياة فنحن نتخطى الكثير من اللحظات العائلية الثمينة وتجمعات الأصدقاء الرائعة فقط لأننا نشعر أنفسنا دائماً بأننا مشغولون طوال الوقت. لا تجعل الوقت شماعة وحاول أن تقضي الوقت مع أناس تحبهم ويحبونك، عش حياتك فالعمر يمضي.

——–

ayesha.aljanahi@gmail.com

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 4968 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.