الإثنين , 29 أبريل 2024

“رسالة امرأة خريفية الهوى” … قصة قصيرة بقلم د. محمد محيي الدين أبو بيه

= 806

وأنا أخطو لمنتصف الأربعين من عمري إذ بنداء يأتي من بعيد يلامس شغاف قلبي ويهمس كي أسترجع ما مضى وأنا التي ودعت كل بقايا الغرام وألقت كل حبائل المودة في بحار النسيان فما عاد وقت لكتابة عهد جديد يحوطه الأمل وترفرف فوقه حمائم مغردة مع حفيف أوراق يداعبها نسيم الأماني..

نفث أنفاسه النديّة المحملة بعبق عطر أنفاس الرُبا عند إشراقة الصباح لكني لم أشتم منها غير ماضٍ ذهب سُدى وزفير لظى لفحني عند قيظ الظهيرة

عاد بعد أن أمعن في الابتعاد وأذابتني عاديات الدهر مع زوج قاس أذاقني مُرّ الأيام ولم أرسو على شاطىء أجد فيه ظلاً ظليلا إلا بفراق سلبني كل ما أمتلك
ثم واجهت دنيا – وأنا أحمل على ذراعيّ ولدا وبنتا – لم تكن بأقل وطأة في عذابها من زوجي المنتهية ولايته

الأيام وحدها كفلت عبوري إلى محطة نهاية رحلتي مع الولد والبنت بعد أن أوصلتهما عتبات بيتهما وأضحيت منفردة..

وبعد أن عرف بوحدتي ووفاة زوجته وصار أيضاً بلا أنيس أتى كي يختم دنياه معي وأنا التي كانت أمامه للبداية وليس لإسدال الستار فقط.. فلماذا هجر الحب الربيعي ورحل فأماته في مهده فلا ينفع معه شلال عواطف وأرضه تشكو البوار

حصل على موافقة الأبناء من الطرفين وينتظر رداً يخرج من الجسد الرافض لكل الفائت من أيامه ويرمو لسكينة تحنو عليه في قابل الأيام

سطرت له ردي في رسالة:

( يا رجلاً أتى بعد العُمرِ؛ وقد كسا الثلج فود شَعري؛ ورحل عطش الحب المُغري؛ بين شرخ الشباب وهرمي؛ أين كنت في سالف وقتي؟ أين كنت عند لهيب وجدي …مر الربيع صاحب العطر؛ وأتى خريف جف فيه شجري فانتفى ضياء نجوم سَحري؛أحلّت دياجي ساكنة السُرر فانسلت نضارةٌ بي تجري..من صروف وجراح تُدمي اعتملها بالصدر كَمداً قلبي
ما وجدت أيام تحنو وتُشفي؛ وأنت بعيد غريب ناء عني…في عالمك تتناسى حبي
لماذا الآن لغرامك تُحيي؛ فأنا استسلمت لقدري
عُد حيث كنت واتركني؛ فقد اكتفيت من العذاب المضني..
غيابك لنسيان حبك علمني).

شاهد أيضاً

متحف محمود خليل…يجمع بين المدارس الفنية التشكيلية

عدد المشاهدات = 1284 بقلم: هبه محمد الأفندي ولد محمد محمود خليل في سنه 1877م …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.