الخميس , 2 مايو 2024

حوار مفتوح حول كتاب ” مثقفون وجواسيس ” للقصبي بأخبار اليوم

= 2320

صابر عرب :الكتاب محرض على القراءة بثرائه المعرفي ولغته الجذابة
علاء عبد الوهاب: وعي المثقف ومرجعيته المعرفية سلاح لمواجهة محاولات تجنيده
أماني فؤاد :المؤلف تناول الموضوع بحس سردي وفي قالب بوليسي وأسلوب جذاب
القصبي :أجهزة المخابرات عينها دائما على المثقف لقدرته على الرصد والتحليل 

القاهرة – محمد سعد

نظم قطاع الثقافة بمؤسسة أخبار اليوم ندوة عن أحدث إصداراته “مثقفون وجواسيس” للكاتب الصحفى والروائى محمد القصبى .

شارك فى الندوة التي أقيمت بقاعة أحمد رجب بدار أخبار اليوم .. الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الاسبق والكاتب الصحفى علاء عبد الوهاب رئيس تحرير كتاب اليوم والمشرف العام على قطاع الثقافة والدكتورة أمانى فؤاد أستاذة الأدب الحديث بأكاديمية الفنون.

تناولت الندوة موضوع الكتاب والذي يتعلق بسعي أجهزة المخابرات العالمية لتجنيد الألاف من المثقفين على مستوى العالم لتنفيذ مهام محددة داخل بلادهم منهم من كان على علم بإنه مجند من قبل أجهزة مخابراتية ويتقاضى أجراً مقابل هذا العمل ومنهم من كان يتم تسكينه فى مناصب رفيعة ساعدته فى اتخاذ قرارات لصالح بعض الجهات.

يضم الكتاب الكثير من السير الذاتية لكثير من المثقفين الكبار الذين سقطوا فى فخ التعامل مع الاجهزة الاستخباراتية العالمية كالمستشرق الانجليزى هنرى بالمر الذى حاول تحريض البدو فى سيناء ضد الزعيم أحمد عرابى وقد دفعت له المخابرات البريطانية مبالغ مالية مقابل ذلك العمل ولكن بدو سيناء استطاعوا كشف أمره وتم القبض عليه واعدامه بالاضافة إلى الروائى جراهام جرين الذى قام بمهام أستخباراتية لصالح الولايات المتحدة فى سيراليون والكاتب سومرست موم الذى كلفته المخابرات البريطانية بمهام سرية فى موسكو أثناء الثورة الروسية عام 1917 لمنع وصول البلشفيك إلى الحكم والسيطرة على البلاد .

وأكد د.صابر عرب فى بداية حديثه على أنه برغم صغر حجم الكتاب إلا أنه كان محرضاً على القراءة والاستمتاع به حتى نهايته فالكتاب ثرى فى معلوماته جذاب فى طريقة عرضه لأن المؤلف ينتمى إلى جيل مثقف ونموذج للكاتب الذى ينتقى اللغة والمفردات حيث تشعر وأنت تقرأ الكتاب وكأنه رواية أدبية.

تعريف الجاسوس

وأضاف عرب أنه من الصعب الوصول إلى تعريف لكلمة الجاسوس أو المثقف لانه موضوع شائك ومن الصعب توثيق هذه المعلومات بأدلة وأسانيد ، فالمثقف الحقيقى عصى على التجنيد أو الجاسوسية لأنه يصنع نفسه بنفسه فالثقافة بمثابة المصل الذى يحصن الانسان من الأفكار الهدامة والمنحرفة .

وأشار الكاتب الصحفى علاء عبد الوهاب انه كانت ثمة تحفظات على نشر بعض الأسماء في الكتاب ، إلا إذا كان ذلك مدعوماً بالوثائق والمستندات سواء كانت هذه الشخصيات مصرية اوعربية .

أسلحة المثقف

وأكد عبد الوهاب على أن المثقف يجب أن يمتلك أسلحته التي يمكن أن تحميه من الوقوع فى فخ الجاسوسية وهى أن يكون على درجة عالية من الثقافة والوعى الذى يجنبه الوقوع فى شباك اجهزة الامن والمخابرات بالاضافة إلى المعرفة التى يحميها وعيه ويترجم ثقافاته إلى مواقف .

وأستطرد عبد الوهاب قائلاً الجاسوسية لم تعد قاصرة على الجوانب العسكرية بل تجاوزت كل أركان المجتمع فعلى سبيل المثال قام جمال غطاس الصحفى فى الأهرام بعمل بحث مثير حول رسائل تم تداولها بعد ثورة يناير تؤكد على أن الجاسوسية يمكن ان تتم من خلال التوجيه عن بُعد ، فليس من الضرورى ان يكون مدخل تجنيد المثقف هو المال أو النساء وإنما يمكن ان تكون من خلال الإيديولوجية التي يؤمن بها .

وأضاف عبد الوهاب على الرغم من التقدم التكنولوجى وانتشار مواقع التواصل الاجتماعى وتقدم وسائل الاتصال إلا انه حتى الآن مازالت أجهزة المخابرات تعتمد على العنصر البشرى فهناك معلومات لايتم الحصول عليها إلا من خلال تجنيد العملاء.

قالب بوليسي مثير

وأكدت الدكتورة أمانى فؤاد أن محيط الكاتب هو الذى يلهمه لتناول قضيته أو موضوع ما وهذا ماحدث مع المؤلف محمد القصبي في كتابه “مثقفون وجواسيس ” فالمثقفون مستويات أو درجات فهناك نوع على علم أنه يعمل داخل السلطة وعلى قناعة على أنه سوف يتم التغيير من داخل السلطة وهذا النوع غالباً ما يكون مثالياً أو حالماً و فى هذا الكتاب حاول المؤلف أن يؤصل لظاهرة “التجسس ” حتى وإن لم يستطع مواجهتها بشكل مباشر لأن الكتاب كان بحاجة إلى تحديد مصطلح أو تعريف لكل من المثقف والجاسوس ،ولكن ترجع اهمية كتاب “مثقفون وجواسيس” إلى أنه تناول الموضوع بحس سردى تم كتابته فى قالب بوليسى مثير ،ووظف هذا الحس السردى لحكى قصة الجاسوسية فى العالم ،كما قام المؤلف بعمل عرض بانورامى لعدد كبير من المثقفين الذين تم تجنيدهم أو تورطهم فى أعمال مخابراتية لصالح دول او جهات أجنبية ومن الجدير بالذكر أن أسلوب العرض لموضوع الكتاب شيق وجذاب ، اعتمد المؤلف فيه على دقة اختيار المصطلحات والعناوين التى يظهر فيها الحس الصحفى الذى يتميز بالاثارة ،فعلى الرغم من ان الموضوع شائك ، إلا ان المؤلف كان لديه مرونه وبراعه فى العرض.

المثقف ..لماذا ؟

وأكد القصبى على أن المقدمة والاهداء هما ملخص ومفتاح الكتاب الذى يدور حول المثقفين الذين كانوا على صلة باجهزة المخابرات ، ففكرة الموضوع بدأت منذ قراءتى لكتاب الحرب الباردة الثقافية للكاتبة البريطانية فرانسيس سندورز وبعدها بدأت رحلتى فى التنقيب عن أسرار تلك العلاقات الشائكه بين المخابرات العالمية والمثقفين ولماذا تفضل بعض أجهزة المخابرات تجنيد المثقفون ؟ فبالطبع للمثقف سجايا شخصية قد تجعله أكثر جاذبية امام اجهزة الأستخبارات نظراً لقدرته على الرصد والتحليل وتقدير قيمة المعلومات والتقاط التفاصيل وإعادة هيكلة العقول ، كما انه بعيد عن الريبة والشك ، لهذه الأسباب قد ترى أجهزة المخابرات فى المثقف مشروع عميل نموذجى.

وضرب المؤلف مثالاً بنادى القلم الدولى الذى تأسس عام 1920 وهو منتدى ثقافى عالمي ..تنتشر فروعه في معظم بلدان العالم ..إلا انه تم أختراقه، وكانت هناك محاولات لاختراقه من قبل المخابرات الأمريكية ، التي سعت لتنصيب الكاتب الأمريكي الكبير آرثر ميلر رئيسا له ،وبالفعل شغل ميلر منصب الرئيس 3 سنوات. وأشار القصبى إلى عدد من الصحف والمجلات ودور النشر التى تم أنشاؤها بأموال مخابراتية ومن أمثلة ذلك مجلة حوار التى رأس تحريرها الشاعر توفيق صايغ كانت بتمويل من كونجرس الحرية اثقافية وهي منظمة أسستها المخابرات الأمريكية في مطلع خمسينيات القرن الماضي وترأس تحريرها توفيق الصائغ .

وفى نهائية الندوة لفت القصبي الانتباه إلى أن عددا من المثقفين الذين تعاملوا مع أجهزة استخباراتية كانوا يعانون من اختلالات نفسية ..مثل جراهام جرين الانطوائي ، وسومرست موم الذي كان يعاني من الثأثأة ،وأيان فيلمنج مبتدع شخصية جيمس بوند والمنفلت في سلوكياته.

كما أوضح القصبي أن الإهداء والخاتمة يعبران تماما عن مخاوفه كمواطن مصري من ظاهرة سعي الأجهزة الاستخباراتية لتجنيد المثقفين ..أما نص الإهداء فهو:

إليكِ ..بهية ..
لاتصدقي كل من غنى و يغني لك
يا حبيبتي يامصر ..
منهم – كُثرٌ- زمارون !

وأما مختتم الكتاب فهو:
الآن ..وبعد رحلتي تلك..
ألا يبدو منطقيا ..
إن قرأت سطرا لكاتب..
إن داهمتني صرخة متظاهر..
أوصيحة “ناشط”
أن أسأل : من يدفع أجر الزمار!

وأعاد القصبي للذاكرة كتاب الباحثة البريطانية فرانسيس ساندروز “من الذي دفع للزمار ؟ الحرب الباردة الثقافية” ..وعنوان الكتاب يتكيء على المثل الانجليزي : من يدفع أجر الزمار يعزف له ما يريد من ألحان ..منوها إلى أنه لايمكن الدفاع عن الصحفيين والكتاب والنشطاء الذين يتعاملون مع سفارات وجهات أجنبية خاصة وإن كان ثمة عائد مادي يجنونه من وراء هذا التعامل لأنهم زمارون سيعزفون لمن دفع لهم الأجر ما يريد من ألحان .

شاهد أيضاً

وفاء أنور تكتب: حكاية العم “رجب”

عدد المشاهدات = 3424 أبطأت خطواتنا وهدأت من سرعتها اضطرارًا، اضطربت حركة أقدامنا المثقلة متأثرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.