الإثنين , 6 مايو 2024

بسمة عبدالقادر تكتب: مذلة الأبناء!

= 1501

Basma Abdul Kader - Copy


الأبناء هم فرحة الحياة والثمرة اليافعة في شجرة الأسرة المثالية، وكما قال الله تعالى في كتابه العزيز أنهم ( زينة الحياة الدنيا ).

ولقد خُلق البشر على فطرة التكوين المجتمعي القائم على بذرة الإنجاب، والذي يمثل هدفا راسخا لكافة المقبلين على الزواج؛ لخلق بيئة مكتملة عمادها أب وأم وأولاد، يأملون جميعهم في عقد رباط سعادتهم في حياة سوية قدر الإمكان.

ولكن ما تفتأ عقبات الحياة أن تطيح بمثالية الأسرة السعيدة، وكأي معنى إنساني يندثر مع التراث نرى انحدار العلاقات بين الأبوين والأبناء، فتتهدم قلاع القيم الأخلاقية مع احتدام الصراع الحياتي، وتضارب الأهداف بين أركان الأسرة.

فالزوجان يتعطشان لطفلٍ يبهج حياتهما في صغره، ويستندان عليه في شبابه مع وهن عافيتهما، والابن ينظر لأبويه كحصن يأتمن فيه على نفسه من أية أخطار تطيح بحياته أو مستقبله، كخطر الجهل أو الفقر أو الجوع .. إلخ.

ومع قسوة الحياة وغزارة المخاطر تبدو المسؤولية منهكة للآباء الذين يبذلون أرواحهم لأجل حماية أبنائهم من تلك الأخطار، حتى إن دفعتهم تلك المسؤولية للإطاحة بقيم وأخلاق نشأوا في كنفها، وإن اضطر بعضهم لبيع ضمائرهم لن يتوانوا في بيعها ظنا منهم أنهم يحمون أبنائهم من مغبة الفقر والحرمان،  وبدلا من ترسيخ تلك القيم في عقول الأبناء يضرب بها الأباء عرض الحائط  غير مكترثين لما سيحصدونه من وراء هذه الثمرة المروية بالعفن.

ولقد رأينا أبا يسرق ليطعم أبنائه وآخر يرتشي وآخر يبتز وآخر يتسول وآخر ينصب ويخدع وآخر يتنازل ويتنازل مهدرا كرامته لأجل حماية كرامة أبنائه، لتتحول زينة الحياة الدنيا إلى نقمة وليتحول الإبن العزيز إلى مذلة لأبويه، فنجد الرجل الكريم والشريف كما عهدناه يتلحف بعباءات ملونة من اللؤم والخسة مواكبة لمزاد الضمائر المباعة، وبمرور الوقت ينحني ظهره ويجثو على ركبتيه دون أن يمتد له كف العون من أبنائه الذين تخلى لأجلهم عن كل ما ملكت يداه.

 وهنا .. يتبادر إلى أذهان الآباء أسئلة طاعنة لأرواحهم المهزومة من صفعات الإفلاس  .. هل الأبناء حقا يجلبون سعادتهم أو يصنعون مذلتهم في الحياة؟! .. وهل يستحق الإبن تلك المقايضة الثمينة لإرضائه في مقابل التخلي عن إرضاء الله؟! .. هل تستحق زينة الحياة الدنيا التضحية بزينة الآخرة؟!

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 13527 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.