الأحد , 28 أبريل 2024

بسمة عبدالقادر تكتب: لا أريد ظلا..!

= 1546

Basma Abdul Kader


أخبرتني إحدى الفتيات عن خطيبها الذي اقترح عليها زواجا اشتراكيا، فتساءلت وما الزواج الاشتراكي؟! ، قالت: كان اقتراحه أن نحيا في منزل واحد بميزانية استقلالية لكل منا .. إن كنت أعمل فعلي أن أتولى نفقاتي بشكل مستقل عن راتبه الذي سينفقه هو الآخر على نفقاته ، على أن نشترك بالقسمة في شراء الطعام وإيجار المنزل ونفقات الكهرباء .. إلخ ، راقني الاقتراح كثيرا فبادرت بعرض فكرتي أنا أيضا، بما أن الموارد والنفقات بالقسمة فعليه أيضا أن يقاسمنى أعمال المطبخ والتنظيف، وكان رفضه قاطعا مما أشعل فتيل الجدال فيما بيننا حتى أننا انفصلنا بلا رجعة ..!

أثارت رواية الفتاة أفكاري عن هوية الشاب المقبل على الزواج في مجتمعنا، لا شك أن الأوضاع المادية صعبة ولكنها بالتأكيد صعبة على الجنسين فكلاهما يقاتل في نفس المضمار، ولكن المثير للعجب هو اعتمادية بعض الشباب على دخل زوجته العاملة، فنراه بعد الزواج يلقي على كاهلها العبء فوق العبء، يكتفي هو بعمله وجلسات السمر مع الأصدقاء، وتدور هي في طاحونة مهمات العمل والمنزل وتدبر الحلول لمواجهة ما يقابلهما من مشكلات، ثم تواجه وابلا من الشكوى والخنوع من قبل زوجها المسكين الذي تضرب به قسوة الحياة كل يوم، فيعود إليها باحثا عن احتواء تطوقه فيه، ليجدها في شغلها الشاغل مع صراعات أخرى؛ صراعات لم تختارها إلا أنها فرضت عليها، فالمشكلات قائمة وعندما يفر منها طرف يتوجب على الطرف الآخر مجابهتها..

وعندما لا تجد المرأة من يساندها تتعلم كيف تقف وحدها بصلابة، وتبدأ في عرض المقارنات بين حياتها قبل الزواج وحياتها بعد الارتباط بهذا النوع من الرجال، والذي في رأيها لا يمت للرجولة بصلة، فأين هو مما صارت إليه؟!، ربما كانت حياتها قاسية قبل الزواج ولكنها تصير أكثر إيلاما وأكبر مسؤولية عندما تتولى قيادة سفينة تخاذل ربانها عن دوره، وتتحول من مخلوق رقيق متسامح إلى مخلوق صلب بالكاد يضعف، مخلوق يعلم تماما أن تسلل الضعف إليه سقوط في الهواء، سقوط بلا استناد، ربما لقبت بين ألسنة المجتمع بلقب الشريكة أو الزوجة؛ ولكنها بلا شك وحيدة؛ ليس في الجوار من يحنو عليها أو يؤازرها، لأنها في نظر شريكها تفعل ما يتوجب عليها فعله، ليس تفضلا منها بل أن هذا دورها الذي جبلها الله عليه، أن تعطي وتعطي ولا تسأل عن المقابل ، وأن يأخذ هو ويأخذ ولا يُسأل عن المقابل، ثقافات ربما نشرتها أمهات في عقول أبنائهن ودفعت أثمانها بناتهن.

وليبقى بعض التعقل للسعي وراء حياة زوجية صالحة تقوم على الانسجام والوئام بين طرفين يقدر كل منهما الآخر ويعذر كل منهما الآخر ويرحم كل منهما الآخر ، يتفهم طرفاها طبيعة الآخر وتقوم قيادتها على رجل بلا ظل، وما فائدة الظل إن بقي على صورته الصماء؟! بلا دور، بلا ذات تؤثر بإيجابية على نطاق نفوذها، ما تهفو إليه روح الفتاة؛ رجل يحمل معنى المسؤولية في ضميره وفي تصرفاته، ليعلو في نظرها؛ فتعلو هي الآخرى بعاطفتها وأفعالها، وتبادر لاحتواء أسرتها الصغيرة لتصنع منها حياة عامرة بالسعادة والسلام. 

وما عطاء المطر إلا بسعي السحب.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 5977 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.