الإثنين , 6 مايو 2024
سماحة الشيخ أحمد الخليلي

الشيخ أحمد الخليلي: يتحتم على كل مواطن أن يكون حارسا أمينا لوطنه

= 834


مسقط – حياتي اليوم

وجّه الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان نداء إلى كل مواطن يعيش في ظل أي دولة من الدول أن يكون حارسا أمينا لوطنه، يشعر بأنه على ثغرة من ثغراته وأنه يحرص كل الحرص على ألا يؤتى الوطن من طريقه، مشيرا إلى أن ذلك من مقتضيات الشرع الحكيم، وأكد الخليلي أن التاريخ البشري لم يشهد حراسة أمينة للأوطان كالحراسة التي كانت في الإسلام عندما كان يطبق الإسلام بحذافيره، وكانت العقيدة راسخة في النفوس تأخذ بمجامع الألباب، وتوجّه النفوس الى الله سبحانه وتعالى أولا، وإلى حسن التعامل فيما بينها، والقيام بالواجب والمحافظة على المصالح العامة لذلك ما كانت الدولة الإسلامية في ذلك الوقت محتاجة الى الأجهزة الأمنية لأن كل فرد من أفرادها هو أمين وهو مسئول عن الأمن في بلاده، وكان يعطي الأوطان حقها من المحافظة عليها وعدم التفريط فيها ويسعى دائما إلى رأب الصدع وجمع الشمل وتوحيد الصف، والقضاء على كل سبب من أسباب الخلاف.

وقال: سلطنه عمان بحمد الله نسيج متماسك وسيظل بعون الله نسيجا متماسكا لا يمكن التأثير عليه وفي نفس الوقت نحذر كل من تسوّل له نفسه أن يأتي ليؤثر على هذا النسيج، كما قال السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان "كما أننا لا نتدخل في شؤون الغير فإن على الغير أيضا أن لا يتدخل في شؤوننا ولا نرضى بتدخله في شؤوننا".

وأشار إلى أن تهذيب النفوس يغرس حب الله تعالى ورسوله ومبادئ الإيمان وقيم الدين الحنيف ومراقبة الله تعالى في السر والعلن، حيث أن غرس هذه القيم تجعل الناس يحافظون على حقوق المجتمع وحقوق الوطن وحقوق الأمة بأسرها. وأن خير ما يغرس حب الأوطان في نفوس الناشئة هو تربيتهم الإيمانية الموصولة بالله سبحانه وتعالى ليدركوا أن الله تعالى هيأ لهم هذا المناخ الطيب وأنه لابد لهم من شكر هذه النعمة، وشكر النعمة إنما يكون بالوفاء بحقها.

وأوضح سماحته أن الإنسان مطالب بأن يجعل مصلحة الجميع فوق مصلحة الفرد، وعليه أن يضحي بمصلحته من أجل مصلحة مجتمعه ومن أجل مصلحة وطنه ومن أجل مصلحة أمته.

اذا فماذا يعني الوطن بالنسبة للإنسان؟ وهل حبه غريزة فطرية أم هو واجب إيماني يجعل هذا الحب جزءا من الإيمان؟

موطن الإنسان هو موضع استقراره وطمأنينته، والموضع الذي تطمئن إليه نفسه من الخير، ويجد فيه وفي كنفه راحة النفس واستقرار البال، وكثير ما يكون ذلك مربوطا أو مشدودا الى ذكريات الصبا، ذكريات الشباب التي تدغدغ الأحلام، وتستثير من كوامن النفس أحاسيسها وعاطفتها، ولذلك يحن الإنسان الى الأوطان حنينه الى ماضيه، فإن من دأب الإنسان أن يكون شديد الحنين الى الماضي وهذا مألوف من طبع البشر، والأوطان فيها الذكريات التي تتعمق في النفس، والتي تسوق هذه النفس الى ما تسوقها إليه، كما يقول الشاعر:

وحبب أوطان الرجال إليهم
معاهد قضّاها الشباب هنالكا
اذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
 
ولذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مشدودا الى وطنه الأصلي، الى وطنه الأم، الى مكة المكرمة، فعندما كان يودعها مهاجرا في سبيل الله ولاجئا الى الله سبحانه وتعالى ألقى النظرة التي ألقاها إليها وقال: "يعلم الله إنك أحب بلاده إليّ، وأنت أحب البلاد الى الله، ولولا أن قومك أخرجوني منك لما خرجت" فمعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان مشدودا الى هذا الموطن، ولا ريب ففي ذلك عاطفة إنسانيه وفي ذلك قيمة إيمانية، أما العاطفة الإنسانية فيما ذكرته لأن الإنسان مشدود بطبعه الى ماضيه..

 وأما القيمة الإيمانية فان الوطن إنما هو جزء من ارض الله سبحانه وتعالى التي اسبغ الله سبحانه وتعالى على عبده المواطن فيها نعمته، وفجر له ينابيع الخير، وظلله بما ظلله به من فضله وإحسانه وبره، فلذلك كان من الإيمان أن يراعي قيمة ذلك المكان الذي وجد فيه نعمة الله سبحانه وتعالى، المكان استنشق أول ما استنشق من هوائه، واكتحل أول ما اكتحل بضيائه، وارتوى أول ما ارتوى بمائه، فمن طبيعة الإنسان أن يكون مشدودا الى هذه الأرض التي له فيها هذه الذكريات، ومن قيامه بحق الله سبحانه وتعالى شكره لهذه النعمة، نعمة استقراره في هذا المكان، والقرآن الكريم يدلنا على ذلك، عندما يأمر عباد الله بعبادة الله سبحانه وتعالى يذكرهم نعمة الله عليهم بما خلق لهم من مناخ واستقرار في هذه الأرض، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، فالحق سبحانه يدعونا الى مراعاة حق هذه الأوطان، هذه الأرض استقر فيها الإنسان

شاهد أيضاً

الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله عز وجل

عدد المشاهدات = 6068 ✍️ صفاء مكرم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.