السبت , 4 مايو 2024

همسات دافئة..في حديقة الزواج!

= 1267


أم عبد الرحمن بنت مصطفى

لقد قرأت لإحدى الأخوات وصفًا بديعًا عن الحياة الزوجية؛ حيث شبهتها بحديقة خلابة رأتها بأحد المنازل في شارعهم؛ حيث في تلك الحديقة أنواع كثيرة من النباتات والورود تمَّ ترتيبها بعناية شديدة.

لن يختلف اثنان على أن هذه الحديقة لم تظهَر هكذا فجأة، وإنما هناك من بذل فيها جهدًا لعدة ساعات، قد يكون شخصًا واحدًا، وقد يكونون مجموعة أشخاص بينهم اهتمام واحد وهو حب الزِّراعة، ومهما واجهتهم من مشاكل أو عقبات – الحشائش والآفات – فكل همِّهم منصبٌّ على إيجاد حلول لتخطِّي تلك العقبة والحصول على حديقة جميلة وخلابة، وكذلك الحياة الزوجية تحتاج لمن يرعاها بنفس الأسلوب.

لكن من المهم أن يكون لديكِ القدرة لتتعرفي على البذور التي تحتاجينها لغرسها بحديقتك، كما يَنبغي عليكِ أن تنتبهي للآفات والحشائش التي قد تنمو خلسة منك قبل أن تتحوَّل إلى آفة كبيرة تفسد حديقتك وتَقضي على ورودك.

من المهم أيضًا أن تَنتبهي لتغيُّرات الطقس، فحينما تقل الأمطار ستَحتاجين أن تسقي حديقتك بنفسك حتى لا تجفَّ ورودُها وتذبل، وأعلم أن هذا سيتطلب منك مجهودًا كبيرًا، وقد يأخذ منك ساعات طويلة، لكن لا بدَّ أن تُدركي أنه بدون جهودِك وتعبك ستَذبل حديقتك وتموت.

في "حديقة الزواج"، لا يمكنك الجلوس على الأريكة لتُشاهدي الورود وهي تنمو وتزدهر، فهي لن تنمو وحدها، والله خلقنا لنجدَّ ونُكافح في هذه الدنيا، لذلك لا بد أن تبذلي جهدًا كبيرًا حتى تجني السعادة في حياتك.

أعلم أنه ليس سهلاً، ولن يكون سهلاً، خاصة إذا لم تكوني على علم بكيفية الزراعة وأحدث الوسائل المعينة على ذلك.

ولا بدَّ أن تعلمي أن حديقتك قد لا تزدهر بالفواكه بعد كل جهودك لحِكمة لا يعلمها سوى الله عز وجل، لكنَّكِ ما زلتِ مطالَبة بالعمل والاجتهاد بغضِّ النظر عن النتيجة.

وعلى كل حال لا يَنبغي لك أن تنتظري الأجر على عملك في هذه الدنيا.

تلك الحديقة التي تُغطِّيها قطرات الندى في الصباح فتشع بزهرة الابتسامة الساحرة ووردة الكلمة الطيبة.

تلك الحديقة التي زرعتِ فيها نباتات الحكمة والسداد، وغرستِ فيها نباتات الطاعة بالمعروف فيما يحبه الله ويرضاه.

تلك الحديقة التي اعتنيتِ أنتِ بها عناية خاصة، ووضعتِ بها لمساتك المميزة، وهذبتِ أوراق أشجارها لتظهر بمظهر جميل، وسقيتِها من أشواقك بصوتك الندي الرقيق.

فقطرات الندى هي الصباح المشرق الذي تَستيقِظ عليه الأسرة فترى ابتسامتك الساحرة للقلوب والعقول، وتستمع لكلماتك الطيبة التي تطرب الأسماع وتصل للقلوب، فتبدأ الأسرة يومها في سعادة وسرور.

أما الحكمة والسداد بأن تكوني كيسة فَطِنة، تُدركين بماذا تتكلمين وأين تتكلمين ومتى تتكلمين، وأن تكوني هينة لينة في معاملتك وردود أفعالك، فلا تضرك الرياح ولا تَكسِرك الأعاصير، بل تسير من جوارك بهدوء وانسيابية.

وأما الطاعة لزوجك ورفيق دربك فهي لثقتك به وبحكمته وحسن قراراته، وقبل كل ذلك طاعة لله عز وجل؛ لأنَّكِ مؤمنة أن كل شيء بقدر الله، وأننا لا حول لنا ولا قوة إلا بالله عز وجل، ونَثِق فيه أنه سيُوفِّقنا لكل خير فقط حين نستعين به ونلجأ إليه ليُعينَنا على اختيار ما يحبه الله ويرضاه.

أما لمساتك فهي بصمتك الأنثوية الخاصة في حياة أسرتك، لتُصبحي جزءًا من حياتهم لا يستطيعون الاستغناء عنه، فتَسحريهم بأكلاتك الراقية، وتُعينيهم على الوصول لحاجاتهم بتَرتيبك المميز لملابسهم وأغراضهم، وتشاركيهم اهتماماتهم، وتعوديهم على أن قطعة الحلوى الخاصة بهم لن تكون شهية إذا لم يُشارِكوك بقَضمة منها، فأنتِ هنا لستِ زوجة ولا أمًّا، بل أنت طفلتهم المدلَّلة (طفلة زوجة وأبنائك).

ومن أهمِّ اللمسات الأسرية:احتواؤهم وإشباعُهم عاطفيًّا، ومُشاركتهم بالجلوس معهم مرةً أسبوعيًّا في أي مكان عام لشرْب مشروبك المنعش الجميل بعيدًا عن مشاغل الحياة، لتتبادَلوا الطرائف والضحكات.

شاهد أيضاً

الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله عز وجل

عدد المشاهدات = 4174 ✍️ صفاء مكرم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.