الجمعة , 26 أبريل 2024

هبة عمر تكتب: متي يدرك العرب؟

= 1263

Heba Omar


لا يمكن علي وجه الدقه أن نحدد لماذا يتطور العرب في كل مجال إلا في قدرتهم علي تقبل إختلاف الرأي، وقدرتهم علي إدارة تفاوض يكتب له النجاح في كل شئونهم السياسية! ولماذا تتغلب لغة العاطفة عندهم علي لغة العقل في أغلب الأحوال؟

الحقيقة أن متابعة مايجري من « تلاسن» بين العرب  وبعضهم البعض في كل أزمة ليس له تفسير سوي تراجع الوعي والثقافة العامة والتفكير المتعقل رغم التقدم، الذي مولته الثروات الطبيعية التي وهبها الله لهم، وهذا التراجع يظهر بقوة عند أي بادرة لإختلاف التوجه أو  اختلاف الرأي بين هذا البلد أو ذاك، رغم الحديث المألوف عن «عمق العلاقات التي تربط بين تلك الدول »، ولو كان العرب جميعا تربطهم علاقات تتسم بالعمق الحقيقي لما كان هذا حالهم وماكانت هذه ردود أفعالهم في كل موقف.

في الأزمة الأخيرة التي أشعلها التلاسن الحاد علي مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، حول تصويت مصر بالأمم المتحدة لصالح القرار الروسي عن الأزمة السورية، أوضح الدكتور نور فرحات أستاذ القانون الدولي نقطة مهمة، مفادها أن تصويت الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن سواء بالقبول أو الرفض تحصيل حاصل مادام تم استخدام حق الفيتو من إحدي الدول الخمس الكبري، ويبدي تفهمه لشن  الهجوم علي الدولة دائمة العضوية صاحبة مشروع القرار، أما ان يتم الهجوم علي دولة غير دائمة العضوية صوتت لصالح مشروع قرار بعد رفض القرار الأول، فهو غير مفهوم، لأنها حتي ولو صوتت ضده لن يصدر القرار لاستخدام حق الفيتو، أي أن تصويتها غير مرجح لتمرير القرار، معلنا أن تصريح مندوب السعودية في مجلس الأمن شابه التسرع وهو الذي خلق الأزمة.

أما الكاتب اللبناني جهاد الخازن فقد قال في حوار له بجريدة المصري اليوم، إنه لا يتصور أن الخلاف في وجهات النظر بين مصر والسعودية سيؤدي إلي قطيعة وأزمة بين البلدين، فمصر والسعودية تعملان منذ سنوات لإيجاد حل للأزمة السورية بإقرار الحلول السياسية، لكن الخلاف ظل مستمرا حول مصير بشار الأسد، والقضية السورية للأسف أصبحت معقدة للغاية، وتمثل خطرًا كبيرًا علي أمن المنطقة بعد توغل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا،

ورغم ذلك استمرت المزايدات بين البعض هنا وهناك علي خلفية قرار شركة «أرامكو» السعودية بوقف شحنات النفط لمصر خلال شهر أكتوبر، وأدت حماقة البعض إلي معايرة مصر بما حصلت عليه من أموال سعودية، وتهديد بإعادة العمالة المصرية في المملكة، وهي حماقة تتجاهل أن التعامل مع دولة عربية كبري مثل مصر  لا يجب أن يكون تعامل السيد والتابع، وهو ما أدركته أصوات عاقلة علي الطرف الآخر مثل الكاتب السعودي علي سعد الموسي، الذي كتب مقالا بعنوان «كي لا نخسر مصر» علي موقع جريدة «الوطن السعودية»، مؤكداً أن الأزمة التي أثيرت مؤخراً  لا تصب في صالح البلدين لأن مصر لها الحق في الاختلاف أو تبني وجهة النظر التي تراها، وأن ذلك لا يجب أن يكون مصدر إزعاج أو شكوك لدي الجانب السعودي، مستشهداً بعدم انزعاج مصر من التحالف المعلن بين المملكة وتركيا، بالرغم من تدخلات الأخيرة في الشأن المصري، وعدائها المعلن للحكومة المصرية،  متي يدرك العرب أن الأزمات لا تحلها العواطف والحماقات وطول اللسان؟ وكان الله في عون سوريا وشعبها الذي ينتظر حلا ويتجرع مرارة الانتظار وحده.

———–

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 3952 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.