الأحد , 5 مايو 2024

هبة عمر تكتب: الميه ومجاريها!

= 1152

Heba Omar


علي طول ١٥٣٠ كيلو متراً يمتد نهر النيل داخل أرض مصر التي تصل أطوال المجاري المائية بها إلي نحو ٣٥ الف كيلو متر ويصل ايراد نهر النيل وحده إلي ١٦٣٠ مليار متر مكعب سنويا، ورغم ذلك يظل عدم التوازن بين زيادة الطلب علي المياه والقدرة علي توفيرها مشكلة تعاني منها بلد النيل بين حين وآخر!

ومع ثبات موارد المياه وارتفاع معدلات النمو السكاني وامتداد التنمية العمرانية علي أطراف المدن ينخفض نصيب الشخص من المياه ليصل إلي ما دون خط الفقر المائي وهو١٠٠٠ متر مكعب سنويا، أي أننا جميعا أصبحنا «فقراء مياه» بلااستثناء.. فهل ندير الأزمة كما يجب؟ أم أننا نتعامل معها بنفس المنطق القديم الذي يعجز عن المواجهة بسبب نقص الموارد؟

الواقع يؤكد أن جهودا كبيرة يتم بذلها بالفعل للتغلب علي عدم العدالة في توزيع الموارد المحدودة من المياه بين أنحاء مصر، ومحاولة التغلب علي التلوث الشديد في المجاري المائية والذي نتج عن سنوات طويلة من الاهمال والتراخي والتقاعس عن المعالجة الجادة لمصادر التلوث وعقاب الملوثين عقابا صارما..

ولكنه يؤكد ايضا أن التلوث مازال يحدث كل يوم في مياه النيل والترع والمصارف بلاهوادة، وهو يسبب مشكلات في محطات التنقية المسئولة عن وصول المياه النقية الآمنة إلي الجميع، وهو تلوث لا يأتي من الصرف الصناعي والزراعي فقط رغم خطورة كليهما ولكنه يأتي ايضا من غياب الوعي التام بأهمية المحافظة علي المياه، ويتساوي في هذا الريف والحضر علي السواء وتكفي نظرة سريعة علي كل المجاري المائية في مصر لنري كيف تحولت إلي مقالب عمومية للمخلفات والحيوانات النافقة وبواقي اعمال البناء!

الكارثة الأكبر هي كيف نتعامل مع المياه بعد تنقيتها، وهي تنقية مكلفة للغاية بالمناسبة، وهنا نكتشف أن هذه المياه قد تذهب إلي اغراض اخري غير الشرب مثل ري الحدائق الخاصة وري الشوارع لترطيب حرارتها، وغسيل السيارات والعقارات ايضا!

وفي نفس الوقت الذي تعاني فيه شبكات المياه من تقادم المواسير وهلاك بعضها وانفجارها، تزداد حالات التعدي عليها والسرقة منها، خاصة في المناطق النائية، لتزيد معدلات اهدار المياه النقية قبل وصولها إلينا بما يقترب من ٥٠٪، بينما تظل كل أجهزة الدولة عاجزة عن مواجهة هذه التعديات رغم اصدار قانون خاص للمياه، يعاقب كل من يلوث المياه أو يهدرها، ويظل تطبيق استخدام عدادات لمياه الشرب مثل عداد الكهرباء متاحا علي نطاق ضيق لايجبر الجميع علي ترشيد الاستخدام، بما يتناسب مع فقرنا المائي الحالي.

صحيح أن هناك محطات جديدة للمياه في طريقها لدخول الخدمة خلال الشهور القادمة لتعالج مشكلات محافظات عديدة لاتصل إليها مياه الشرب بالشكل المناسب، ولكن هناك ايضا مشاكل تشغيل وادارة وتعامل مع الأزمات التي يعاني منها الناس مازالت قائمة وتحتاج إلي فكر واساليب مختلفة لاتعتمد علي البيانات الرسمية الجافة وحدها، وتبادل إلقاء الاتهامات بين جهة واخري عند حدوث مشكلة، لأن نقص المياه او انخفاض جودتها أو اختفاء وصولها اصلا ازمة لايمكن تحملها أو تجاهل وجودها خاصة في هذا الجو الملتهب شديد الحرارة.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 12554 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.