الخميس , 2 مايو 2024

هبة عمر تكتب: صناعة الوهم!

= 1386

Heba Omar


نجح المرشح الجمهوري ترامب في الوصول الي المكتب البيضاوي الذي يحكم العالم، بينما فشل الإعلام الأمريكي ومراكز استطلاع الرأي في منع وصوله أو التنبؤ بالنتائج الصحيحة في الإنتخابات الأمريكية، فقد خلقت الآلة الإعلامية بكل نفوذها حالة مصنوعة،بعيدة عن الواقع، تنحاز لتأييد هيلاري كلينتون المخضرمة سياسيا، في مواجهة ملياردير أقل وعيا بالسياسة وأقل تحكما في أقواله وتصريحاته وألفاظه، ولكنه يعرف كيف يؤثر في إدراك الناخب الأمريكي، ويوهمه بأنه سوف يقضي علي الفساد السياسي و"الدولة العميقة" التي تحكم أمريكا، وقاده هذا لحسم المعركة في أكثر الولايات الأمريكية دعما للحزب الديمقراطي الذي تنتمي اليه منافسته هيلاري.

ومع حالة التفاؤل المصاحبة لفوز ترامب في مصر والشرق الأوسط،وهزيمة هيلاري المتهمة بدعم جماعة الإخوان، قد يكون مفيدا أن نتذكر كيف إستقبلنا فوز  باراك أوباما بالترحاب والتفاؤل بإعتباره  جاء من خلفية افريقية وربما إسلامية، وسرعان ماتبرأ منها، وكيف إستقبلنا خطابه في جامعة القاهرة وتحيته "السلام عليكم"، قبل أن نكتشف أن السلام المقصود يختلف في لغتهم عن لغتنا ! ولا أعتقد أن الأمر يمكن أن يختلف مع أي رئيس أمريكي، لأن السياسة عندهم لا يصنعها الرئيس، فهو ترس في ماكينة ضخمة، يتحكم فيها المال والمصالح الإقتصادية والعسكرية وجماعات الضغط، أو بمعني آخر الدولة العميقة التي يصفها ترامب بالفساد!

هل يحق لنا اذن أن نظن أن ترامب سوف يغير خريطة الشرق الأوسط؟ الحقيقة تظهرها وعوده للناخبين لما سوف يفعله في أول مائة يوم من رئاسته، اولها بالطبع الدعم المطلق لإسرائيل والإعتراف بالقدس كعاصمة أبدية لها، وبدء عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين واللاجئين، والإنسحاب من إتفاقية التغيير المناخي  ووقف الدعم المالي لبرامج الإحتباس الحراري بالأمم المتحدة، وتجاهل الأزمة السورية التي قال عنها " لماذا لا ندع داعش والأسد يقاتلان بعضهما ثم نأتي لنأخذ المتبقي"!

وربما ينبغي أيضا أن نتذكر أن اليمين المتطرف في أمريكا الذي كان مؤيدا علي الدوام للرئيس الأسبق بوش هو  نفسه الذي يؤيد ترامب، وهو الذي وقف خلف كل الحملات العسكرية علي الدول العربية، وتموله كبري شركات السلاح والنفط والتجارة لتضمن مصالحها وقواعدها في العالم الثالث والشرق الأوسط، وفي النهاية فإن قواعد السياسة الأمريكية الثابتة ومصالح الأمن القومي تفرض نفسها علي أي رئيس، فلا تصدقوا مايقال قبل الجلوس علي كرسي الرئيس في البيت الأبيض فهو مجرد صناعة للوهم.

صناعة الوهم تشبه  تماما قصة النزول الي الشوارع يوم ١١/١١  والتي خلقت حالة إستنفار أمني لدي الدولة ونفسي لدي الناس رغم عدم الوجود الحقيقي لها علي أرض الواقع، ويبدو أننا نتعلم من أمريكا أحيانا .

—————-

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 9767 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.