الإثنين , 6 مايو 2024

هبة عمر تكتب: العفو..!

= 1327

Heba Omar

 

يختلف حال الناس في رمضان عن غيره من شهور العام، هكذا يفترض فيمن يعطون للصيام حقه، ويعرفون لخلق الصيام فضله، ويحاولون تقويم أنفسهم وإصلاح نفوسهم، لا بالمظاهر ولكن بما وقر في القلب وصدقه العمل، وأجمل مايتحلي به الصائم هو العفو، تلك العبادة المهجورة التي تغيب كثيرا وسط تفاهات الحياة وغرور البشر.

يوما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خُلُق النبي صلي الله عليه وسلم فقالت «لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلا مُتَفَحِّشًا، وَلا صَخَّابًا فِي الأسواق، وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ» ،بينما أحد الخلفاء الراشدين وهو  عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ يقولُ: أحبُّ الأمورِ إلَي الله العفوُ فِي القدرةِ ومَا رفقَ أحدٌ بأحدٍ فِي الدنيَا إلا رفقَ الله بهِ يومَ القيامةِ، فأين ذلك مما نراه حولنا اليوم رغم كثرة الواعظين وزيادة أعداد المصلين وكل مظاهر الاهتمام بالدين؟.

من أجمل قصص العفو  تلك التي حدثت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب حين جاء إليه ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا»يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل، فقد قتل والدنا « فسأله عمر « لماذا قتلته ؟ « قال الرجل « إني راعي إبل وأعز جمالي أكل شجرة من أرض أبيهم فضربه أبوهم بحجر فمات فامسكت نفس الحجر وضربته به فمات !! 

قال عمر «إذن سأقيم عليك الحد «، فرجاه الرجل «أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي»، فقال عمر «ومن يضمنك؟ فنظر الرجل في وجوه الناس وأشار إلي أحدهم وقال هذا الرجل فقال عمر: يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل؟» فقال أبو ذر «نعم يا أمير المؤمنين» فقال عمر «إنك لا تعرفه وإن هرب أقمت عليك الحد «فقال أبو ذر» أنا أضمنه يا أمير المؤمنين». 

ورحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث والناس قلقلة علي أبي ذر حتي لا يقام عليه الحد، وقبل صلاة المغرب جاء الرجل وهو يلهث وقد اشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقال «لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم عليّ الحد» فاستغرب عمر بن الخطاب وقال «ما الذي أرجعك؟ كان يمكن أن تهرب» فقال الرجل «خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس» 

فسأل عمر بن الخطاب أبا ذر: «لماذا ضمنته؟» فقال أبو ذر «خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس» فتأثر أولاد القتيل فقالوا «لقد عفونا عنه» فسأل عمر بن الخطاب «لماذا؟» فقالوا «نخشي أن يقال لقد ذهب العفو من الناس»… أدعو الله ألا يذهب العفو من الناس حاكمين ومحكومين حتي لا تتحول الحياة إلي غابة لا تصلح للبشر.

————-

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 13559 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.