السبت , 27 أبريل 2024

هبة حسين تكتب: أخلاق الزحام!

= 2029

Heba Hussain


قد يعتقد البعض أن الفقر الذي يعاني منه كثير من المصريين هو السبب في تراجع الأخلاق، ولكن صعوبات الحياة ليست بجديدة، ومع ذلك لم تصل أخلاقنا من قبل إلي هذا المستوي من التردي. ويرجع خبراء المجتمع تدهور منظومة الأخلاق الي الزحام، وهو ما نلحظه بصورة أكبر في الأماكن المكدسة بالبشر.

فالزحام يفجر أسوأ غرائز البشر، فيدافع الشخص عن نفسه بأي وسيلة والدليل علي ذلك ما توصل اليه عالم اجتماع فرنسي من خلال تطبيق نظرية «عشة الفراخ». فقد صمم عشة فراخ من السلك مساحتها متران مربعان ولها جانب متحرك ووضع بداخلها ٤ دجاجات مع وعاء للأكل وآخر للشرب وبدأ يراقب تصرفاتها داخل العشة! 

في المساحة الكبيرة بدأ الدجاج يأكل ويشرب في راحة تامة ثم ينام بدون إزعاج. في اليوم التالي قام العالم بتحريك جانب العشة للداخل بحيث اختصر مساحتها للنصف، وبدأ يراقب تصرفات الدجاج، فلاحظ بدء حدوث تصادم وتناحر بينها وتزاحم علي أواني الأكل والشرب، وبدأ الصياح يعلو والضوضاء تزداد! 

وعندما حرك العالم جانب العشة للداخل حتي أصبحت المساحة ربع الأصلية انقلبت الدنيا وبدأت الدجاجات تصطدم ببعضها وتتقاتل علي أواني الطعام والشراب والصياح يزداد.. هذا بالضبط ما رمي إليه العالم من وضع نظرية لأخلاق الزحام بين الشعوب التي يزداد سكانها بمعدلات كبيرة.

في أوائل الخمسينيات كنا ١٨ مليون مواطن مصري، واليوم تجاوز تعدادنا 95 مليوناً وفي نفس المساحة تقريبا. وهكذا لاينبغي أن نتعجب مما يحدث في الشارع المصري من تصادم وعراك بين المواطنين ، فهذه أخلاق الزحام التي تعكسها نظرية عشة الفراخ.. ماذا سيحدث لمجتمعنا إذا استمر تكدسنا هكذا؟.. 

لابد من توعية الجماهير بعدم الانجراف لأخلاق الزحام فهي تنتج الغباء.. و لا منقذ منها سوى البعد عنها و الهروب منها.. ومع التمسك بالقيم الدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية، اذا كانت لديك فرصة للسكن في المدن الجديدة فلا تتردد واذا لم تتح لك الفرصة فحاول أن تحصل علي مساحة خاصة لنفسك يوميا لتحافظ علي أعصابك علي المدي الطويل.

والحل من وجهة نظري هو ما تقوم به الدولة حاليا من التوسع في المجتمعات العمرانية وانشاء مدن جديدة للخروج من الحيز الضيق الذي تم حشر المصريين فيه لعقود طويلة نتيجة سياسات خاطئة اقترفها حكامنا السابقون ، فلم يهتموا باستيعاب الزيادة السكانية المتزايدة . 

هذه الثروة البشرية يمكن أن تصبح قوة ضاربة للمجتمع اذا ما أحسن توظيفها وانتشرت في ربوع مصر بدلا من كونها كابوسا لأن تزاحمها في الوادي الضيق يجعلها أشبه بقنابل موقوتة .

—————–

hebahusseink@gmail.com

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 5547 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.