حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
قبل بلوغى الثلاثين من عمرى كنت أعتقد أنه سن النضج فقط والإنجازات، كنت طوال حياتى أستمع إلى من يرددون أنه يجب عليك فى هذا العام تنجز الكثير من الأشياء ، يجب أن تستقر على مكتبك الخاص فى عملك وأن تكون أتممت رحلة الزواج والإنجاب ، ولديك طفلين على الأقل و تعيش مُستقر فى زواجك، كان يبدو الأمر لى وكأنه سن الموت الذى ينتهى عنده كل شئ فلا إنجازات بعده !! ، و ما ان أبحرت فى عالم الحياة إلا وأكتشفت أن كل هذه خرافات ليس لها اى أساس ولاوجود، لا يجب عليك أن تتزوج فى سن معين إلا حينما تقابل الشخص الذى فقط يجعلك سعيد ، ربما تلتقى به فى العشرين أو الثلاثين أو الاربعين.
لا ينبغى أن تظل طيلة حياتك تبحث وتلهث وراء وظيفة من المُحتمل ان تتركها ولا تستقر فيها ، فضمان بقاءك الوحيد حبك لها أو جنى أموال منها وتحقيق رضا نفسى عنك وحسب ، لا يوجد ما يسمى بأسطورة خرافة سن ال 30 ولا حتى اى سن ، لأنك فى كل مرحلة من عمرك تكن شخصا مختلفا تماما بنسخة جديدة حتى وان بدا الأمر لك غير ذلك ، ولا هناك قائمة للإنجازات عليك فعلها قبل بلوغه فلكل منا حياته و ظروفه وتوقيته الخاص الذى يختلف بإختلاف الأهداف والأولويات والسعى والإجتهاد ، يمكنك أن تسافر العالم فى أى وقت و أن تبدأ مشروعك الخاص فيما بعد أن تنعم بصحة نفسية جيدة وتمارس الرياضة وتعمل على إختيار أصدقائك جيدا كما تختار طعامك المُفضل ، يمكنك أن ترى العالم بوجه اّخر جديد ونظارة اّخرى يتخللها كثير من النضج وقليل من الجنون اللذيذ الذى يضيف إليك فارقا فى حياتك تستطيع معه إكمال ما بدأته.
يمكن للمرأة فى هذا السن أن تكون أكثر أنوثة و كتفاءًا ونجاحًا و سعادة سواء فى عملها أو بيتها فقط أن أرادت ،لا تسمح لأحد بوضع سقف لأحلامك أو تحديد معاد صلاحية لها ، وسأفاجئك عزيزى القارئ أنه فى هذا السن تحديدًا تشعر و كأنك شخصاً اّخر ملئ بالطاقة والحيوية وليس فقط كما يرددون أنه سن الثبات !! ستصبح أكثر تحررًا ورغبة فى البحث عن السلام النفسى لك وأكثر بحثاً عن المتعة فى كل أوجه حياتك ستتغير وجهات نظرك فيها وفى كل الأمور ، فما كنت ترفضه يمكنك قبوله والعكس ستكتشف دروبًا جديدة وستتعلم من تجارب كثيرة ستجد نفسك بشكل مُغاير تماما لك ولصورتك عنك ، لا تعبئ و لا تهتم لأحد غيرك ولصنع سعادتك الخاصة فقط ووقتك المُقدس ، نعم هو سن لا يخلو من محاسبة النفس ماذا فعلت فى العمر الماضى وهذا جيد أن يحاسب الإنسان نفسه لكن ما يتردد من بث الخوف وترديد الكلمات المُعتادة المُتكررة محاولة لتحفيز الجميع أن ينجز شئ فى سن معين هو محاولة للإحباط إن لم يستطع الشخص فعل هذا كله فى نفس الوقت.
فالأحلام تأخذ وقت حين تتحقق ، أستمتع بنضجكك حتى فى الأربعين والخمسين ، لكل سن تصل إليه متعة وجمال خاص به لا تدع أحد أن يخبرك بأحلامك وما يجب عليك فعله ، لا تستمع إلى المُحبطين ولا تدع لأحد أن يجعلك تعيش شئ قبل أوانه ، نحن لا ننضج بمرور السنوات بقدر ما ننضج بما ممرنا به و صنعنا من تلك الأزمات والصعوبات والتحديات والتجارب والمواقف الحياتية المختلفة ، أصنع عالمك الخاص وتغلغل فيه.
واحدة من أزمات مجتمعنا هو تبنى أفكار خاطئة و تقاليد قديمة لم تعد جميعها تتناسب مع حياتنا الحالية وأدائها السريع و تغير طبيعتها و صراعتها التى تختلف عن الماضى فلكل عصر متعته ومشاكله.
فلم يعد سن الزواج هو سن ال 30 ، ولم يعد العمل وحده هو ضمان سعادة الإنسان كما كنا نعتقد لقد تغير الانسان من خلال ما رأى وعاصر لكل منا أن يحيا بحرية تامة كما يحلو له حتى وإن خرج عن المألوف، يمكنك ان تظل أعزب وتصبح سعيد و يمكنك ان تتزوج وتنجب وتصبح سعيد يمكنك أن تعمل فى عمل تقليدى و تصبح سعيد ، و يمكنك ان تعمل عملا حرًا وتستطيع فيه تحقيق ذاتك و النجاح.
العالم يتغير من حولنا ونحن ندور فى فلكه و نتغير معه ، ومن لا يتغير يموت ولايوجد ضمانات فى الحياة ، فكل شئ فى هذا السباق مُتاح ومشروع فالحياة تحتاج منا لكسر منطقة الراحة و المألوف أحيانا حتى نعثر على أنفسنا من جديد وإتخاذ المخاطرة ايضا لعلنا نجد ما نبحث عنه.
لا تخشى أن تصل إلى عامك ال 30 فستكتشف فيه عوالم اّخرى أكثر جمالاً مما كنت تعتقد ومما كانوا يخبرونك بها دوما و تذكر دائما عليك ان تحب نفسك دائما وفى كل الأوقات.
